في موقف حازم يعكس عمق الغضب في أوساط المجتمع العربي، أعلن جعفر فرح، مدير مركز "مساواة" لحقوق المواطنين العرب في إسرائيل، أن المركز سيقدم التماسات للمحكمة العليا ضد وزيرة "المساواة الاجتماعية" ماي غولان ووزارة المالية، على خلفية ما وصفه بـ"أخطر موجة تمييز ممنهج ضد المجتمع العربي بميزانية الدولة".
فرح أشار إلى أن قرار غولان تجميد تحويل ميزانيات خطة الخمس سنوات، يأتي استكمالًا لسياسات بدأها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وقال إن مجموع التقليصات التي نُفذت خلال العام الماضي وهذا العام يصل إلى نحو ملياري شيكل، وهو مبلغ ضخم كان مخصصًا لمشاريع بنى تحتية، وتطوير سلطات محلية عربية، وتحسين التعليم، ودعم الشباب والصحة والرفاه الاجتماعي والسكن.
"تمييز اقتصادي رسمي ضد المواطنين العرب"
بحسب فرح، فإن ما يجري لا يمكن اعتباره مجرد خلاف إداري أو عجز في التنفيذ، بل هو "سياسة ممنهجة تهدف إلى تعميق الفجوات بين العرب واليهود، وتكريس التمييز على أسس قومية في توزيع موارد الدولة". وأضاف أن "وزارة المالية تتحدث للعالم عن خطط لسد الفجوات وتحقيق المساواة، لكنها في الواقع تدير حرب ميزانيات ضد المجتمع العربي عبر شركائها في الحكومة".
"ماي غولان ليست وحدها – هذه سياسة حكومة كاملة"
في حديثه، شدد فرح على أن ماي غولان ليست الوزيرة الوحيدة، بل هي جزء من توجه أوسع داخل الحكومة: "هذه ليست مجرد نزوة شخصية من وزيرة، بل تعبير واضح عن سياسات الحكومة الحالية. هناك رغبة بإضعاف سلطاتنا المحلية، وحرمانها من الموارد، وتحويل هذه الأموال لمصالح ائتلافية مثل المستوطنات والمجالس الدينية".
واعتبر أن ما يحدث هو شكل جديد من "هندسة التمييز"، حيث يتم استخدام أدوات الموازنة لإقصاء المواطنين العرب بشكل منظم، في تناقض صارخ مع مع التزامات إسرائيل الدولية، لا سيما أمام منظمات اقتصادية تحتاجها الحكومة لتحصيل قروض لتغطية العجز الحكومي مثل ال OECD.
"الضرر لا يقتصر على المجتمع العربي فقط"
وحذّر فرح من أن استمرار هذه السياسات لن ينعكس فقط على المواطنين العرب، بل سيؤثر على مجمل أداء الاقتصاد في البلاد. "عندما يتم إقصاء خمس المجتمع من برامج التنمية والاستثمار، فإن ذلك يضعف الاقتصاد كله. الجهات المالية الدولية قلقة من التدهور في مؤشرات المساواة والنمو، وهذا القلق سيتحول قريبًا إلى ضغط سياسي واقتصادي على الحكومة الإسرائيلية".
"سنتوجه إلى المحاكم"
في خطوة عملية، أعلن فرح أن مركز "مساواة" بدأ بتحضير التماسات قانونية ضد وزيرة المساواة الاجتماعية ووزارات حكومية بينها وزارةالمالية، بهدف إجبارها على تنفيذ الالتزامات الحكومية تجاه المجتمع العربي. وقال إن هناك سوابق قضائية واضحة تمنع التمييز في توزيع الميزانيات، وإن المجتمع العربي لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه التجاوزات الخطير.
وأشار إلى أن المركز يتعاون مع عدد من رؤساء السلطات المحلية والمؤسسات المدنية الأخرى لتقديم طعون مشتركة، مشددًا على أن "الصراع على الميزانيات ليس فقط قانونيًا، بل هو معركة على مستقبل المواطنين العرب ومكانتهم في الدولة".
"من التفاخر إلى التراجع"
اختتم فرح كلامه بتذكير ساخر: "في العام الماضي، تفاخر ممثلو وزارة المالية أمام مؤسسات دولية بأنهم يقودون خطة لدمج المجتمع العربي وتقليص الفجوات. اليوم، نشهد العكس تمامًا: تقليص ممنهج، وتحويل الأموال إلى مستوطنات والمتدينين، وتهميش كامل للمجتمع العربي. هذا التراجع خطير، وسندفع جميعًا ثمنه – إن لم نوقفه الآن".
[email protected]
أضف تعليق