أثار قرار وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس (الليكود)، بإلغاء استخدام الاعتقال الإداري ضد المستوطنين الإسرائيليين موجة من الانتقادات والجدل الحاد في الأوساط الحقوقية والسياسية. القرار الذي وُصف بالشعبوي من قبل العديد من المحللين، يأتي في وقت تتزايد فيه الاعتداءات اليومية التي ينفذها المستوطنون بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، مما يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير القانونية في إسرائيل.
واقع الاعتقال الإداري: أداة تُطبق على الفلسطينيين فقط
وفقًا لمعطيات مركز "بتسيلم"، حتى يونيو 2024، كان هناك 3,340 فلسطينيًا محتجزًا إداريًا في السجون الإسرائيلية، بينهم 75 قاصرًا. بالمقابل، بلغ عدد المعتقلين الإداريين اليهود أربع حالات فقط في مارس 2023، وهو ما وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية وقتها بأنه "ذروة تاريخية".
وفي السياق، أشارت المحامية عبير بكر، في تعليقها على القرار، إلى أن الحديث عن الاعتقال الإداري للمستوطنين يُضخم بشكل مبالغ فيه. وقالت: "علينا أنّ نفهم أن الاعتقال الإداري أداة تعسفية وغير قانونية من حيث المبدأ، سواء طُبقت على فلسطيني أو إسرائيلي. ومع ذلك، فإن استخدام هذه الأداة ضد المستوطنين لا يكاد يُذكر. خلال العام الماضي تم اعتقال 16 مستوطنًا إداريًا فقط، أُطلق سراح 11 منهم خلال نفس العام. مقابل ذلك، تُغلق 93.7% من القضايا المتعلقة باعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين دون متابعة قانونية."
العنف المتزايد من المستوطنين
في ظل تزايد الاعتداءات بعد 7 أكتوبر 2023، تشير تقارير حقوقية إلى أن المستوطنين نفذوا 8 اعتداءات يومية في المتوسط خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط من الحرب. ووفقًا لجمعية حقوق المواطن، أدت هذه الاعتداءات إلى تهجير 896 فلسطينيًا من منازلهم، وإلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات، فضلًا عن مقتل 7 فلسطينيين.
وأكدت المحامية عبير بكر أن الاعتقال الإداري لم يكن يومًا وسيلة فعالة لحماية الفلسطينيين، قائلة: "نحن بحاجة إلى محاكمات شفافة وعادلة للمستوطنين المتورطين في جرائم القتل والاعتداء. أما الاعتقال الإداري، فلم يُظهر فعالية حقيقية في منع العنف المتصاعد، بل يُستخدم كغطاء لادعاء وجود عدالة قانونية، وهو بعيد كل البعد عن ذلك."
ازدواجية المعايير القانونية
القرار الأخير يُلقي الضوء على التمييز المنهجي في النظام الإسرائيلي. فبينما تُستخدم أدوات قانونية قمعية مثل الاعتقال الإداري بشكل مكثف ضد الفلسطينيين، يتمتع المستوطنون بحصانة شبه مطلقة، حتى في الحالات التي تتطلب محاسبة قانونية صارمة.
واختتمت بكر تعليقها بقولها: "هذا القرار ليس سوى زوبعة في فنجان. التمييز واضح والجميع يعرفه. إن الاعتقال الإداري، حتى لو طُبّق ضد مستوطنين، لن يغير من طبيعة النظام العنصري الذي يحكم العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. القضية ليست في إلغاء الاعتقال الإداري، بل في محاسبة المستوطنين على جرائمهم بشكل قانوني وعادل."
[email protected]
أضف تعليق