بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com

يتماسك اليورو اليوم بعد الخسارة الهائلة والأكبر له على أساس يومي مقابل الدولار الأمريكي هذا العام في حين يستقر بالقرب من مستوى 1.075 وهو لا يزال بالقرب من أدنى مستوياته منذ يوليو الفائت.

جاءت خسائر اليورو على وقع الارتفاع غير المسبوق هذا العام لعوائد الخزانة الأمريكية والذي أوسع الفجوة ما بينها وبين السندات الألمانية لأعلى مستوى منذ مايو الفائت. هذا الضغط على العملة الموحدة يأتي وسط استمرار تدفق البيانات السلبية لمنطقة اليورو وتفاقم عدم اليقين السياسي والجيوسياسي خصوصاً بعد عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض.

حيث أن المخاوف تتركز من أن عودة ترامب ستفاقم الحروب التجارية مجدداً وستكون منطقة اليورو جزءاً منها مع 20% من التعرفات التي قد تفرض على الواردات الأوروبية.

السياسيات الحمائية التي قد يتجه لتطبيقا ترامب، مستفيداً أيضاَ من الهيمنة الجمهورية على الكونغرس، قد تلحق الضرر باليورو من جانبين اثنين، الأول هو إمكانية عودة التضخم في الولايات المتحدة إلى الارتفاع دافعاً معه عوائد السندات للأعلى والثاني عبر المزيد من تراجع الأنشطة الاقتصادي في منطقة اليورو. أضف إلى ذلك، فإن الضرر الذي قد يلحق بالصين نتيجة التعرفات التي ستصل إلى 60% على وارادتها قد يعمق من أثر تلك السياسات في منطقة اليورو ذلك أن الأخيرة هي الشريك التجاري الأهم لأكبر مصنع في العالم بعد رابطة دول جنوب شرق آسيا.

على ضوء هذه المخاوف، فقد ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام الأمس إلى 4.477% وهو أعلى مستوى منذ يوليو الفائت وذلك في مقابل تراجع عوائد السندات الحكومة الألمانية إلى 2.415% عند اغلاق الأمس قبل أن ترتفع اليوم مجدداً.

إلا أن المخاوف حول إمكانية ارتفاع التضخم خلال السنوات المقبلة في الولايات المتحدة بالتزامن مع الأداء الضعيف وغياب افق قريب لاستعادة النمو في منطقة اليورو قد يدفع فجوة العائد ما بين سندات الاقتصادين نحو المزيد من الارتفاع وبالتالي إبقاء الضغط الهبوطي على العملة الموحدة.

فقبل أن تتقلص قليلاً اليوم، اتسعت فجوة العائد ما بين سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام ومقابلتها الألمانية إلى أعلى مستوى منذ مايو الفائت عند 2.045%.

فيما نقلت نيويورك تايمز نقلاً عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن السياسيات المختلفة التي قد يطبقها ترامب قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم بنسبة 28% قياسياً بالتوقعات الحالية في العام 2028 وإلى أربعة أضعاف ما هو عليه الأن.

هذا الارتفاع في عوائد سندات الخزانة الأمريكية أيضاً يعكس إعادة تسعير الأسواق لتوقعاتها بشأن مسار سعر الفائدة خلال العام المقبل على نحو أقل تفاؤلاً وهذا ما قد يبرر استمرار الضغط على اليورو. حيث تراجعت احتمالية قيام الفيدرالي بخفض المعدلات بمقدار 25 نقطة أساس – مع افتراض تحقيق خفض بنصف نقطة مؤية هذا العام – إلى 29% اليوم بعد أن وصلت إلى أكثر من 60% قبل شهر، وفق CME FedWatch Tool.

لكن قد لن تكون هذه هي الفرضية السائدة في المستقبل فعلاً، يتحدث كبير المعلقين الاقتصاديين في وول ستريت جورنال Greg Ip نقلاً عن مستشارين أن ترامب قد يستخدم التعرفات الجمركية من أجل التفاوض بشأن الحواجز التجارية وأن الزيادة الفعلية قد تكون أقل مما يتحدث عنه بكثير. إضافة إلى أن الضرر المحتمل المتمثل بارتفاع أسعار الفائدة مجدداً أو تراجع الأسهم قد يدفعه لتقديم تنازلات في هذه الحرب التجارية. كما يتوقع بنك مورغان ستانلي أن التعرفات تلك قد تؤدي إلى نمو أسعار المستهلك بنسبة 0.9% لمرة واحدة فقط قبل أن يستكمل التضخم مساره المتراجع.

أما في منطقة اليورو، فقد قدمت ألمانيا اليوم المزيد من البيانات السلبية عبر انكماش أسرع من المتوقع للإنتاج الصناعي بنسبة 2.5% على أساس شهري إضافة انخفاض فائض الميزان التجاري بشكل أكبر من المتوقع في سبتمبر إلى 17 مليار يورو. هذه الأرقام تأتي بعد الإعلان عن المزيد من الاغلاقات وخطط التسريح لشركات السيارات وقطع الغيار في ألمانيا وفرنسا. أضف إلى ذلك عدم اليقين السياسي بعد تفكك الائتلاف الحاكم في المانيا بعد إقالة وزير المالية.

في حين أن عدم اليقين الاقتصاد والسياسي هذا يتسبب في إبقاء مستويات الثقة الضعيفة حول مستقبل الأعمال في الأشهر المقبلة، وفق ما جاء في تقرير مديري المشتريات التصنيعي لشهر نوفمبر من S&P Global.

يضاف إلى عدم اليقين هذا كله هو التساؤل حول مستقبل الصراع في أوكرانيا بعد عودة ترامب إلى الحكم في يناير المقبل. حيث كان قاد وعد ترامب بإنهاء الحرب فور عودته، إلا أن هذه الوعود تتقابل مع شكوك حول واقعيتها وكيفية تطبيقها ذلك أنه لم يتم تقديم أي خطة للعلن بهذا الشأن. فيما قد نقلت وول ستريت جورنال عن مساعد سابق في مجلس الأمن القومي لترامب أن أي شخص في إدارة ترامب يدعي بأنه لديه خططاً حول أوكرانيا هو ببساطة لا يعرف عما يتحدث.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]