حاور موقع بكرا كلا من المعالج النفسي رزق شلش، و د.محمود سعيد الخبير في علاج الصدمة النفسية حول دور الوالدين تجاه الأطفال في حالات الطوارئ والحرب.
إليكم نبذة إيضاحية عن الطوارئ وتوصيات من الاختصاصيين النفسيين العرب حول كيفية التعامل مع الأطفال في حالات الطوارئ.
إنَّ الحياةَ اليَومِيَّةَ مَليئةٌ بالأَحداثِ التي تَتَطَلبُ من الوالدَيْن مُرافَقَة الأبناء وتوجيههم وَدَعْمهم. من الأحداثِ والمواقفِ ما هو عاديٌ ومنها غير العادي، والتي تَختَلِف بِحدّتِها وَوَقْعِها على النفس البشرية، الأمرُ الذي يَتَطَلَّبُ إدراكَها وفَهمَها ليَتَسَنَّى لنا التعاملَ معها.
مِن بين المواقفِ غيرِ العاديةِ هُنالك حالاتٍ طارِئةٌ وصادمةٌ مُتَنَوِعةٌ ومُتعددةُ الأوجُهْ، فمنها نَتيجَةٌ لحالات كارِثيةٍ طَبيعيةٍ، أو أمنيةٍ، أو عَدائيةٍ اجتماعية.
إنَّ الحَدثَ الطارئَ يُعرقلَ الشعورَ بالاستمراريةِ الحياتيةِ (فكريًا، سلوكيًا، وجدانيًا، فسيولوجيًا)، وقد يُؤدي لردود أَفعال غَير اعتيادية، الأمر الذي قد يُؤثِّرُ على انتظام حياتنا اليومية ومدى تَأَقلُمُنا السليم لِمواجَهَة هذه الأحداث.
يعلِّمُنَا علمُ النفسِ العيادي والأسري أنَّ الأهل يُمَثلونَ نموذجًا أوليًا هامًا يَقْتدي بِه الأبناء، ويشكِّلُ مَصّْدَر إلهام لِتعزيز قُدرتهم على التأقلُم والتَكَيُّفِ السَليمِ واكتساب المهاراتِ المُناسبةِ لمواجهةِ حدّةِ الأحداث. كما أثبتت الأبحاث في علمِ نفسِ الطوارئ أنَّ لكَيفية مُواجهةِ الأهلِ للأحداث الطارئةِ والصادمةِ أثرُها على أَبنائهم، فمن شأنِهَا أن تُساعدَ على تَخفيفِ حِدَّةِ رُدودِ الأفِعال عندهم.
يمكنكم رؤيةُ بعضٍ من الأعراض التالية التي من الممكن أنْ تظهرَ على أبنائِكُم، حيث تَأخذُ أشكالًا مختلفةً وأنماطًا غيرَ عاديةٍ أو غريبةٍ أو لا تندرجُ ضمنَ سلوكياتِه المعتادة:
أعراضٌ جَسديةٌ:
إحساسٌ بثقلٍ في الصَدْر، وصعوبةٍ في التنفس، ودقاتِ قلبٍ قويةٍ أو سريعة، وإحساسٍ بالاختناق، وخَدَرٍ، وجفافٍ في الفم، وتوترٍ، وإحساسٍ بعدم التوازن، ودورانٍ، وصعوبةٍ في بلع الطعام أو الشراب، رجفةٍ، وإلخْ.
أعراضٌ وجدانيةٌ (عَاطِفِيْة):
بكاءٌ، خيبةُ أمل، رُهَابٌ وخوفٌ شديدين، شعورٌ بالقلق، شعورٌ بفقدان السيطرة، شعورٌ بخيبةِ الأملِ أو اليَأْس، الشعورُ بالذنب، الشعورُ بالإحباط، الشعورُ بالعجزِ وعدمِ الأمان، والشعورُ بالذهولِ والصدمة، الشعورُ بتوترٍ وضغطٍ نفسي، الشعورُ بغضب.
أعراضٌ سُلوكيةٌ:
الرغبةُ في التحرك، استخدامُ الأدوية، تجنبُ الحديث، ضحكٌ غير مسيطرٍ عليه، الانزواء، التعلق الزائد.
أعراضٌ ذِهنيةٌ:
فقدانُ القدرةِ على التركيز، شرودٌ، ازدحامُ الأفكارْ، دخولٌ قسريٌ غيرَ إرادي لمضامين من الحادثة.
عليكم الأخذَ بعينِ الاعتبار أنَّ ردودَ الأفعالِ وآلياتِ المواجهةِ تختلفُ من شخصٍ لآخرٍ؛ بسبب الفروقِ الفرديةِ الطبيعيةِ عند الناس، ووفقًا للمرحلةِ العمريةِ والتجربةِ الشخصيةِ لهم، كما يختلفُ الأولاد في مدى مشاركَتِهْم وتعبيرِهْم عن تجربَتْهم مع الحدث.
من هنا على الأهلِ احترامُ مشاعرِ الأبناءِ والإصغاءِ إليهم، وإعطائهمُ الفرصةَ للتعبيرِ عن ذاتِهْم، بالطريقةِ السلميةِ والمريحةِ المناسبةِ لهم.
ومن الجديرِ ذكرُهُ أنَّ الناسَ يميلون للامتناعِ عن مشاركةِ غيرِهِمْ تجربتَهُم الشخصيةَ مع الأحداثِ المزعجةِ والصادمةِ، مع العلم أنَّ الأبحاثَ والتجاربَ المهنيةِ تفيدُ بأنَّ المشاركةَ والتعبيرَ عن التجاربِ الصادمةِ هي الردُّ الصحيُّ المُوصى به. حيث تبيَّن أنَّ للامتناعِ مردودٌ سلبيٌ على النَفَسْ والذي يكون سببًا مركزيًا بتطوير اضطرابٍ نفسي حادٍ، كما أنَّ الاستمرارَ بالامتناعِ يُفضي إلى تكوينِ اضطرابِ ضغطِ ما بعدَ الصدمةِ تحديدًا.
نودُّ الإشارةُ إلى أنَّ أحدَ الطرقِ لمواجهةِ الحادثِ الطارئِ والمتَّبَعَةِ في تقديم العلاج النفسي للمصدومين نفسيًا هو عيشُ التجربةِ من جديد، من خلال تَخيُّلِها والتحدثِ عنها تفصيلًا، وتركِ الذاتِ بأن تشعرَ وتحسَّ التجربةَ دون وقفٍ أو إنكارْ. إنَّ التعبيرَ عن الذات، عن طريق الحديثِ أو الرسمِ أو الكتابةِ، يُدخل الولدَ في انسجامٍ ويهدِّئُ من رَوْعِه، فمن المهمِّ الجلوسِ معه وإعطائه حَيِّزًا للتعبير عن تجربَتِه ومشاعِرِه وأحاسيسه. كذلك تفهمُهِ وطمأنَتِه من خلال إشراكه بما حصل، وإعطائِه معلوماتٍ واقعيةٍ وتعليماتٍ وقائيةْ. كما نضيف هنا أنَّ لتدخلِكُم وتفهمِكُم واحتوائِكُم لأبنائِكُم مفاعيلَ ومردوداتٍ أخرى جيِّدةٍ للنفس، منها: المساعدةُ على التفريغِ النفسي، والتخلصِ من شحناتٍ انفعاليةٍ سلبيةْ، وإعادةِ التوازنِ النفسي، والمشاركةِ الوجدانية، والتقليلِ من القلقِ والخوفْ، وإعطاءِ الرسائلَ أنَّ الجميعَ مهتمٌ بهم، وأنّكم مجموعةٌ مترابطةٌ وهم ليسوا أفرادًا غيرَ مُهتمًا بهم، وبالتالي كلُّ ذلك يُسرِّعُ من إعادةِ التكيُّفِ عند أبنائِكم في البيئةِ وفي المدرسة.
نصائحٌ على الصعيدِ الفردي في حالات الطوارئ قَدْرَ الإمكانِ وعلى الرغم من الطارئ:
1. وجوبُ تنظيمِ الوقتِ والبرمجةِ اليومية.
2. الالتزامُ بساعاتِ أكلٍ محددةٍ (روتينية).
3. النومُ لساعاتٍ كافية.
4. ممارسةُ الرياضة.
5. استعمالُ وممارسةُ وسائلِ الاسترخاء.
6. أنْ يكونَ فعالًا ومؤثرًا بنطاق الممكن.
7. محاولةُ اكتسابِ معلوماتٍ وفهمِ ما يجري من حوله من شأنِه تهدئةُ الشخصِ ووضعهِ في مكان فيه فهمٌ ووضوحٌ وشعورٌ بسيطرة أكبر.
لا تَنْسَوا إنْ شَعَرتُم بِعَدَم القُدرة على مواجَهة ما يحصلُ عند ابنكم أنّه بإمكانكمُ التَوجه للاستِشارة المهنية عند الاختصاصيِ النفسي في المدرسة، أو المستشارِ التربوي، أو التوجُّهِ إلى مكتب الشؤون الاجتماعية في البلدة، أو مراكز الصحة النفسية.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
نشكر لكم جهودكم المبذوله في توضيح الحالات النفسيه اسمحو لي ساعمل على النشر لتصل المعلومات لاكبر عدد من المتضررين بهدف علاج وتفهم الحالات دام عطائكم دكتور محمود دمت لنا داعما وسندا