شهدت الأشهر الأخيرة وخاصة منذ السابع من (أكتوبر) الماضي تغييرات عدة، ومن الواضح أن الحرب المستمرة حتى يومنا هذا، أثرت أيضاً على طريقة اتخاذ الإسرائيليين لقراراتهم الاستهلاكية؛ وذلك بحسب استطلاع جديد أجرته سلطة الهستدروت للاستهلاك وذلك تزامنا مع حلول اليوم العالمي لحقوق المستهلك. ويأتي هذا الاستطلاع، الذي فحص مواقف وتوجهات 600 مشارك، وهم عينة تمثيلية من السكان في الدولة، من قبل معهد الأبحاث جيوغركتوجرافيا.
ويتضح من أحد المعطيات البارزة التي تظهر من نتائج الاستطلاع عن التفضيل الوطني للإسرائيليين لشراء المنتجات المحلية الأزرق والابيض. على سبيل المثال، ذكر حوالي نصف المشاركين في الاستطلاع أنهم يواظبون على شراء المنتجات المحلية، كما أكد حوالي 42% من المشاركين في الاستطلاع أنهم يواظبون على الشراء من المصالح الصغيرة والمتوسطة.
وأفاد حوالي 86% من الإسرائيليين عن ارتفاع أسعار سلة المشتريات الخاصة بهم منذ بدء الحرب الحالية. إضافة الى ذلك، أفاد ما يقارب من 66% أنهم يفكرون في عدم شراء المنتجات من الشركات التي رفعت الأسعار خلال هذه الفترة.
أسباب الظاهرة
وأوضح المحامي يارون ليفنسون المدير العام لسلطة الهستدروت للاستهلاك ان "هناك مجموعة متنوعة من الأسباب لهذه الظاهرة" واضاف: "الاحتكارية القوية في بعض المنتجات الاستهلاكية غالبًا ما تحد من قدرة المستهلكين عن التخلي عن المنتجات المعروفة والتحول إلى بدائل أرخص. في بعض الحالات، ينبع هذا من منطلق الولاء للمنتجات المعروفة، ولكن في حالات أخرى - كما هو الحال فيما يتعلق بأغذية الأطفال - يرتبط الامر أيضًا بصعوبة استبدال منتج اعتاد عليه الطفل. حيث يضطر المستهلكون الإسرائيليون إلى التأقلم مع غلاء المعيشة، رغم العديد من القضايا والأمور الأخرى التي تشغلنا جميعًا في الوقت الحالي. فهل يؤدي ذلك إلى التنازل عن المحاولات المتكررة للتأقلم مع غلاء المعيشة؟ الجواب هو لا. والدليل على ذلك أن حوالي ثلثي الجمهور الإسرائيلي سيفكرون في تجنب شراء المنتجات التي أصبحت أكثر تكلفة خلال الحرب، على الرغم من أنهم اعتادوا عليها.
كما أظهر الاستطلاع ان حوالي 57% من المستهلكين الإسرائيليين يعتبرون أنفسهم مستهلكين أذكياء، أي أنهم عادة ما يقومون بمقارنة الأسعار، والتحقق من تواريخ انتهاء الصلاحية، والبحث عن العروض الخاصة، وأكثر من ذلك. ويعكس هذا الرقم انخفاضًا بنسبة 5% مقارنة بالاستطلاع السابق، ولكن "هناك أيضًا أخبار جيدة"، حيث أن 65% على الأقل من المشاركين في الاستطلاع غالبًا ما يتحققون من حسابات التسوق الخاصة بهم.
يأتي الاحتفال باليوم العالمي لحقوق المستهلك هذا العام، والذي يُحتفل به في جميع أنحاء العالم بتاريخ 15 مارس، هذا العام تحت شعار "الاستخدام العادل والمسؤول للذكاء الاصطناعي" AI. فحتى الأشخاص الذين لم يستخدموا ChatGPT بعد، يتعرضون يوميًا لمدى تأثير أدوات ووسائل الذكاء الاصطناعي في كافة جوانب حياتنا، وفي غضون ذلك أيضًا حول حقوقنا كمستهلكين. على سبيل المثال، أصبحت التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي (GenAI) قادرة بالفعل على تقليد وإجراء محادثة انسانية اليوم. إلى جانب الفرص الجديدة التي توفرها التكنولوجيا، مثل تبسيط الأنظمة وتحسينها في قطاع الخدمات، فان ثورة الذكاء الاصطناعي واجهت أيضًا عددًا لا بأس به من المخاوف. ومن بين أسباب القلق يمكن الحديث عن انتهاك حقوق المستخدمين في مجال الخصوصية، وسرقة وسائل تحديد الهوية والدفع، وتكريس التحيز والتمييز، وغيرها من القضايا المعقدة.
وأفاد حوالي 15% فقط من المشاركين في الاستطلاع أنهم يستخدمون تطبيقات أو برامج الذكاء الاصطناعي (مثل Razap وPricez وBARD وChatGPT) من أجل تتبع مصروفاتهم المالية ومقارنة أسعار المنتجات والخدمات. ومن بين المستخدمين الذين يستخدمون منصات الذكاء الاصطناعي، تم رصد زيادة في مستوى اهتمامهم وفهمهم في مجال التمويل والاقتصاد (مثل: الاستثمارات والودائع والسلوك الاقتصادي وغيرها).
وتشير إحصائية مثيرة للقلق في الاستطلاع إلى أن كل إسرائيلي ثالث تقريبًا تعرض لمحاولات احتيال وسرقة تفاصيل شخصية اثناء التسوق عبر الإنترنت. ويقول المحامي ليفينسون في هذا السياق: "يجب زيادة وعي المستهلك حول هذه القضية"، ويضيف: "للأسف، نحن نشهد أنه على الرغم من النقاش المستمر حول هذه القضية، لا تزال هناك تقارير عن عمليات احتيال عبر الإنترنت، ويتوجب على الهيئات التنظيمية المسؤولة إطلاق برنامج لرفع الوعي وتقديم الارشادات حول هذه القضية."
استخدام متزايد للذكاء الاصطناعي
ومن بين أحدث الابتكارات التي اعتمدها العديد من الإسرائيليين، استخدام نظام العربة الذكية في شبكات التسويق الكبرى. في هذه الأنظمة تقوم عربات التسوق بمسح ووزن كافة المنتجات، التي يتم وضعها في داخل العربة، بشكل تلقائي، وتتيح عرض تكلفة الشراء للمستهلك كل الوقت. حيث انه وبحسب الاستطلاع فقد جرب ثلث الإسرائيليين بالفعل استخدام العربة الذكية، وأجاب حوالي 80% منهم أنهم يثقون في الحساب التلقائي الذي يتم باستخدام التكنولوجيا الموجودة فيها.
ويضيف المدير العام لسلطة الهستدروت للاستهلاك، المحامي ليفنسون: "في المستقبل القريب، سيسمح الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي لشبكات التسويق بتعميق ملف تعريف المستهلك المتعلق بكل واحد منا. سيكونون قادرين على تقديم منتجات مخصصة لنا أثناء التسوق وتوجيهنا فعليًا إلى رفوف المنتجات. من ناحية، قد يؤدي ذلك إلى سيطرة أكبر على المستهلكين، ولكن من ناحية أخرى، فإن قوة المستهلكين – ستزداد بفضل الذكاء الاصطناعي. أعتقد أنه في وقت قصير سنرى المزيد من الإسرائيليين الذين يستخدمون تطبيقات وبرامج الذكاء الاصطناعي لمقارنة الأسعار وإنشاء سلة منتجات أكثر ربحية وأرخص. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نتذكر أنه ليس كل الجماهير لديها إمكانية الوصول إلى التطورات التكنولوجية أو المعرفة الكافية بها، لذلك يجب إجراء هذه التغييرات تدريجي وبإنصاف تجاه جميع السكان".
[email protected]
أضف تعليق