قدمت دراسة جديدة الأمل إلى الأفراد الذين يعانون من السمنة والسكري حيث أظهرت أن جراحات علاج البدانة قادرة على المساعدة في تحسين هاتين الحالتين المرضيتين، إلى جانب قدرتها في بعض الحالات على تخفيف حدة مرض السكري، وذلك وفقاً لجرّاح أمراض السمنة في كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، والذي شارك في تأليف الدراسة.
وأوضح الدكتور علي أمينيان، مدير معهد السمنة والتمثيل الغذائي لدى كليفلاند كلينك قبيل انطلاق فعاليات اليوم العالمي للسمنة الموافق ليوم 4 مارس، أن السمنة والسكري متلازمان إذ أن الشحوم الزائدة قد تؤدي إلى الإصابة بالسكري من النوع الثاني وتفاقمه.
وقال: "من المرجح عند تطبيق أسلوب علاجي فعال للسمنة، أن تشهد الحالات المرتبطة بها مثل مرض السكري وارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم تحسناً ملموساً، كما يمكن أن تؤدي جراحات السمنة إلى تغيرات هرمونية إيجابية تساعد في تحسين التحكم بمرض السكري. لقد أردنا من خلال هذه الدراسة مقارنة تأثير جراحة إنقاص الوزن على مرض السكري، بتأثير الأدوية أو تغييرات نمط الحياة المستخدمة عادة في إدارة مرض السكري".
وتحمل الدراسة اسم "تحالف التجارب العشوائية للأدوية مقابل جراحات التمثيل الغذائي في علاج مرض السكري من النوع الثاني" (ARMMS-T2D)، وبحثت بشكل خاص الآثار المديدة على التحكم بالسكري نتيجة لجراحات إنقاص الوزن، وشملت النتائج التي تم جمعها من مرضى في كليفلاند كلينك وثلاثة مراكز طبية أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية والذين تمت دراستهم على فترة امتدت لـ12 عاماً.
وأضاف الدكتور أمينيان: "تعتبر دراسة (ARMMS-T2D) مهمة نظراً لأن التجارب السريرية العشوائية التي أجريت سابقاً على جراحة السمنة كانت محدودة من حيث نطاقها ونوع الجراحات ومدة المتابعة. وأكدت النتائج التي توصلنا إليها نتائج العديد من هذه الدراسات الصغيرة التي تمت سابقاً، ما يدل على أن جراحات السمنة تسهم بتحقيق نتائج أفضل في السيطرة على مرض السكري مقارنة بالتدخلات الطبية الأخرى والتغييرات في نمط الحياة. كما وجدنا أن المرضى احتاجوا بعد جراحة السمنة إلى أدوية سكري أقل، وأن عدد المرضى الذين شهدوا تخفيفاً ملموساً في حدة مرض السكري كان أكبر من نظيره لدى مرضى المجموعة التي استخدم أفرادها الأدوية والتغييرات في نمط الحياة".
مستويات الجلوكوز واستخدام الأنسولين والتخفيف من حدة مرض السكري
وقارنت الدراسة نتائج تحاليل الهيموغلوبين السكري A1C لدى المرضى، حيث تقيس هذه التحاليل متوسط سكر الدم للمريض على مدى ثلاثة أشهر، وإن تسجيل معدل يبلغ 6.5% في هذه التحاليل يصنّف المريض على أنه مصاب بالسكري. وأظهرت النتائج أن المرضى في مجموعة ما بعد جراحات السمنة سجلت نتائج أفضل في تحاليل الهيموغلوبين السكري A1C مقارنة بمجموعة المرضى الذين تناولوا الأدوية أو أجروا تغييرات في نمط حياتهم، وذلك بنسبة 1.4% أقل عند مستوى سبعة أعوام، و1.1% أقل عند مستوى 12 عاماً.
كما كان استخدام الأنسولين أقل بشكل ملحوظ في مجموعة جراحات السمنة لدى قياسه بعد سبع سنوات وبنسبة بلغت 16% مقابل 56%. وأشار الدكتور أمينيان إلى أن هذه الفائدة المحققة تتسم بأهمية كبيرة خاصة عند النظر إلى حقيقة صعوبة تعديل جرعات الأنسولين عند بعض المرضى، مع ما يترتب على ذلك من عواقب خطيرة في حال انخفاض السكر في الدم إلى مستويات متدنية جداً. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأنسولين قد يؤدي في الواقع إلى زيادة الوزن، وهو دواء باهظ الثمن.
وعاينت الدراسة كذلك عدد المرضى الذين سجلوا تخفيفاً ملموساً في حدة مرض السكري، ولم يعودوا بحاجة إلى تناول الأنسولين أو أي أدوية أخرى للتحكم بنسبة السكر في الدم. وكانت مستويات تخفيف حدة مرض السكري أكبر بعد جراحات السمنة وبنسبة 18.2% التي حققها أفراد هذه المجموعة مقارنة بنسبة 6.2% في المجموعة التي تناول أفرادها الأدوية أو أجروا تغييرات في نمط الحياة، وذلك بعد سبعة أعوام. أما بعد 12 عاماً، فقد كان 12.7% من أفراد مجموعة جراحات السمنة لا يزالون في حالة التخفيف الملموس في حدة مرض السكري مقارنة بـ0.0% من المجموعة التي تناول أفرادها الأدوية أو أجروا تغييرات في نمط الحياة.
وتوصلت الدراسة إلى فائدتين إضافيتين طويلتي الأمد لجراحات السمنة مقارنة بالتغييرات في نمط الحياة وتناول الأدوية. وتمثلت هاتان الفائدتان في أن أفراد مجموعة جراحات السمنة سجلوا مستويات كوليسترول صحية أكثر، كما أصبح مرضى ارتفاع ضغط الدم بحاجة إلى تناول أدوية أقل لضبط ضغط الدم لديهم.
وأوضح الدكتور أمينيان أن الدراسة لا توصي إلى مسارعة مرضى السمنة والسكري إلى إجراء جراحات سمنة، وقال في هذا السياق: "تعد التغييرات في نمط الحياة وتناول الأدوية خط العلاج الأول، إلا أنه في حال عدم تحقيق الاستجابة الكافية مع تطبيق هذين المعيارين، فقد تكون جراحات السمنة خياراً جيداً للمرضى. كما يجب في حال الحاجة إليها عدم تأخير إجرائها لفترة طويلة لأن السكري مرض تقدمي وقد تفضي عدم إدارته بشكل صحيح إلى مضاعفات خطيرة طويلة المدى وقد تؤدي إلى الموت. بالإضافة إلى ذلك، كلما كانت مدة إصابة المريض بالسكري أقصر زادت احتمالية الشفاء على المدى الطويل بعد جراحة السمنة".
وعلى الرغم من توافر فئات جديدة من أدوية السكري مؤخراً والتي تساعد في إنقاص الوزن، إلا أن الدراسة توضح أن هذه الأدوية قد تكون مكلفة ويجب استخدامها على المدى الطويل كما أن مدى فعاليتها على المدى الطويل لم يتم قياسها على نحو دقيق إلى الآن.
واختتم الدكتور أمينيان بالقول: "يمكن لجراحات السمنة أن تكون الخيار الأفضل للمرضى المصابين بالسكري والسمنة وخاصة أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم مرتفع جداً ولم يستجيبوا بشكل جيد للأدوية. لقد أصبحت العمليات الجراحية أكثر أماناً بكثير من ذي قبل، كما أن جراحات السمنة قادرة على الوقاية من التبعات الصحية طويلة الأمد للسمنة والسكري".
[email protected]
أضف تعليق