أريد أن أكتب مهر زوجتي مليون شاقل ( أي ما يقارب 270000 ألف دولار ) فما رأيكم ؟
الجواب :
هذا أمر مخالف للسنة الشريفة ولهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسبب لانتزاع البركة من الزواج.
رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهَا -: " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا» . وَقَالَ عُرْوَةُ: أَوَّلُ شُؤْمِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَكْثُرَ صَدَاقَهَا . ( مغني المحتاج، 4 / 270 ) .
وعلاوة على ذلك فإن غلاء المهور سبب لوقوع الخلاف والفجور بالخصومة عند الفراق وهم بهذا التصرف يسنون سنة سيئة في المجتمع.
قال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خير النكاح أيسره رواه ابن حبان . "صحيح الجامع" (3300).
وقال النّبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خير الصداق أيسره " رواه الحاكم والبيهقي "صحيح الجامع"(3279) .
وقد كان مهر نساء النبي صلى الله عليه وسلم 500 درهم من الفضة، وكان مهر بناته 400 درهم . وهو ما يساوي بذلك الوقت 170 غرام ذهب أي قرابة 35 الف شيقل في زماننا .
روى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال :" لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ الله كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِه ... " "صحيح ابن ماجه" (1532) .
قوله : (لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في "مجموع الفتاوى" (32/194) :
" فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صَدَاق ابنته على صَدَاقِ بنات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اللّواتي هنّ خيرُ خلق الله في كل فضيلة وهنّ أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صَدَاق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة واليسار ، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يَصْدُقَ المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة " .
جاء في الحديث عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم: "أيُّما رجلٍ تَزَوَّجَ امرأةً على ما قَلَّ مِنَ المَهْرِ أوْ كَثُرَ ، ليس في نفسِهِ أنْ يُؤَدِّيَ إليها حقَّها ؛ خَدَعَها ، فماتَ ولمْ يُؤَدِّ إليها حقَّها ؛ لَقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ وهوَ زَانٍ " رواته ثقات .
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَالْخُيَلَاءِ وَالرِّيَاءِ مِنْ تَكْثِيرِ الْمَهْرِ لِلرِّيَاءِ وَالْفَخْرِ وَهُمْ لَا يَقْصِدُونَ أَخْذَهُ مِنْ الزَّوْجِ وَهُوَ يَنْوِي أَلَّا يُعْطِيَهُمْ إيَّاهُ: فَهَذَا مُنْكَرٌ قَبِيحٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ خَارِجٌ عَنْ الشَّرِيعَةِ " . ( انظر الفتاوى الكبرى؛ 32 / 193 )
وليعلم الزوج أنّ ما يكتبه لزوجته من مهر فهو دينٌ بذمته يلزمه إن طلقها أن يدفعه لها وإن توفي يموت وهو مدين وإن هي توفيت قبله فإنه يلزمه أن يدفع ذلك لورثتها ؛ فهل هو قادر على أداء ذلك؟!!!
ذكر علماء الشافعية أنه : «أَوَّلُ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْمُؤْمِنُ مِنْ دُيُونِهِ صَدَاقُ زَوْجَتِهِ» ( مغني المحتاج؛ 4 / 370 ) .
والله تعالى أعلم
أ . د . مشهور فواز رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني
السبت 11 محرم 1445 ه / 29.7.2023
[email protected]
أضف تعليق