عقدت الدبلوماسية المغربية خلال الفترة الأخيرة مجموعة من اللقاءات والشراكات الاستثمارية الكبرى مع مجموعة من الدول، آخرها خطة العمل المبرمة مع إيطاليا قبل أيام.
ومن شأن خطة العمل من أجل تنفيذ الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد بين المملكة المغربية والجمهورية الإيطالية، الموقعة بروما، إلى جانب إعراب ألمانيا عن دعمها مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، أن يربكا حسابات الدبلوماسية الفرنسية التي توترت علاقتها مع الرباط منذ مدة، ويعيدا حكام الإليزيه إلى جادة الصواب لتصحيح مسار العلاقات مع المملكة.
*تقارب على حساب فرنسا
اعتبر محمد بن طلحة الدكالي، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض، أن التقارب مع الدولتين المذكورتين “بدأ يحصد موقعه على حساب المصالح الفرنسية”، لافتا إلى أن “الدولة العميقة الفرنسية تعي ذلك جيدا، ولن تترك المجال لعنترية ماكرون التي تضر بمصالحها”.
ولفت أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، إلى أن “العلاقات المغربية الفرنسية تبقى متشابكة، مبنية على مصالح متبادلة وذات امتداد تاريخي ولها أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة؛ وبالتالي لا يمكن أن يراهن أي ملاحظ على أن هذه العلاقة ستنتهي بالقطيعة، على اعتبار أن القطيعة مفهوم لا يمكن استحضاره في العلاقة بين البلدين”.
وتابع مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء في السياق ذاته: “نعم هناك توتر وغيوم في العلاقة بين البلدين، وهناك شبه قطيعة لم تصل ولن تصل إلى قطيعة نهائية”.
كما أوضح الباحث في العلاقات الدولية أن “المغرب دولة ذات سيادة يريد أن تعامله الدول وفق مصالحه وفي إطار إستراتيجية تخدم علاقاته وتكون واضحة بالنسبة لملف الصحراء المغربية، بينما فرنسا تراهن على أن تترك العلاقة مع المملكة ومع الجزائر في إطار مصالحها الإستراتيجية”.
وشدد المتحدث على أن “الرهان الذي يخوضه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فاشل، لأنه يراهن على دولة فاشلة ونظام عسكري استبدادي مآله الاندثار، وبذلك يقود الدبلوماسية الخارجية الفرنسية إلى كثير من المطبات والمشاكل، سواء مع الدول الجارة مثل إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، أو الولايات المتحدة وروسيا”.
*كنس الزيارات الجزائرية
تحركات وزير الخارجية المغربي، ولقاءاته مع دول على غرار إيطاليا وألمانيا، بحسب أستاذ العلاقات الدولية خالد الشيات، تندرج ضمن ما يعرف بـ”عملية كنس” الزيارات التي عقدها وزير الخارجية الجزائري مؤخرا.
ويؤكد أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة، ضمن تصريحه للجريدة، أن الزيارة التي قام بها المسؤول الجزائري “كان لا بد من عملية كنس لها من طرف وزير الخارجية المغربي”، مشيرا إلى أن زيارات الأخير “كانت ناجحة ومبنية على الشراكة والتعاون، وليس على إزالة عين من عيون الجزائر”.
وسجل الأستاذ الجامعي ذاته أن الدبلوماسية الفرنسية “وضعت كثيرا من بيضها في السلة الجزائرية، وراهنت على ما تسمى العلاقات المصلحية الآنية في قضية الطاقة والغاز على حساب علاقاتها الإستراتيجية مع قوى إقليمية كالمغرب”، لذلك، يضيف، “فخسارتها الصداقة المغربية أو تجميد هذا المسار لرؤية مكرونية لا تتماشى والتصورات السابقة فيه نوع من الغباء تدفع فرنسا ثمنه من خلال الأحداث الأخيرة”.
وأردف المتحدث ذاته بأن فرنسا اليوم ملزمة بـ”العودة للمسار الطبيعي مع المغرب باعتباره مسارا مضمونا مستقرا ولديه مزاياه على المستوى المتوسط والبعيد، اقتصاديا وسياسيا وغير ذلك”، خاتما: “كما على فرنسا في ظل هذه المرحلة الصعبة اقتصاديا واجتماعيا اختيار مع من ستستمر في نهجها كشريك سياسي، فإن اختارت المغرب سيكون ذلك طبيعيا، وإن استمرت في نهجها غير العقلاني بمخاطبة الجزائر باعتبارها شريكا إستراتيجيا فاعتقد أنها ستزيد من خسارتها”.
[email protected]
أضف تعليق