بقلم: البروفيسور آشر كوهين
قد يكون للدراما التي قدمتها الأحزاب العربية عند تقديم القوائم في أخر يوم إستعدادًا لإنتخابات الكنيست ال-25، والتي كان في مركزها إنقسام وتفكك الأحزاب العربية إلى ثلاث قوائم، آثار بعيدة المدى على النتائج العامة وتشكيل الحكومة المقبلة. عنوان أطروحة الطالب الباحث شاهين صرصور التي كتبها وقدّمها قبل نحو عام تحت إرشادي كان: "القائمة المشتركة – الوحدة والتفكيك والوحدة مرة أخرى ". ولو تم كتابتها هذه الأيام لكان هناك إضافة إلى العنوان: "وعودة للوحدة لا سمح الله".
في عملية تحضير وتجهيز القوائم للكنيست، تختلط الاختلافات الأيديولوجية ومصالح الأحزاب (عندما تكون القائمة مشتركة بين عدة أحزاب) والمصالح الشخصية المتعلقة بالمرشحين كأفراد معًا. فور تقديم القوائم، برزت التفسيرات والتأويلات الأيديولوجية. وهكذا، على سبيل المثال، يُزعم أنه في حين أن القائمة المشتركة قد تقدم توصيتها لرئيس الدولة على أن يكون يائير لابيد مرشحها لتشكيل الحكومة القادمة، عارض حزب التجمع مثل هذه التوصية بسبب تطرفه في أرائه الأيدلوجية. وفي تقديري هذا هناك بُعدْ أيديولوجي مميز لهذا التقييم يتعلق بمسألة موقف الأحزاب العربية من قضية الشراكة الائتلافية في الحكومة.
ومع ذلك، فإن التأكيد على أن العنصر الأيديولوجي كعامل رئيسي في الانقسام يصب في مصلحة الأطراف العربية. عدت إلى أطروحة الطالب شاهين صرصور لأنني تذكرت أنه كتب في أطروحاته (بحثه) الكثير من المرات والتي اجتازت المائة مرة من اقتباسات ممن أجرى معهم مقابلات أمثال أعضاء كنيست حاليين وسابقين، ورجال أكاديمية، وصحفيين ورجال مجتمع معروفين في المجتمع العربي على أن المصالح الشخصية الضيقة كان لها دور حاسم في تشكيل وتفكيك وإعادة تشكيل القائمة المشتركة.
في جميع الدراسات والأبحاث حول أنماط التصويت للعرب في إسرائيل، تتضح وبشكل جلي الإشارة إلى عنصرين أساسيين لهما آثار بعيدة المدى، وهما: نسبة التصويت والدعم للأحزاب من مصوتين من خارج الوسط العربي.
النتائج في الماضي القريب لا لبس فيها: توحيد الأحزاب الأربعة في قائمة مشتركة نتج عنه عدد كبير من المقاعد (13-15)، لأن نسبة التصويت العربي تزداد (60٪ فأكثر)، ونسبة التصويت للأحزاب الأخرى اليهودية إنخفض (أقل من 20٪). الصورة تنقلب في حالة المنافسة عند انقسام الأحزاب: عدد المقاعد ينخفض (10-11)، ونسبة التصويت عند العرب تنخفض بشكل كبير (أحيانًا إلى أقل من 50٪)، والذين يخرجون للتصويت قد يصوتوا إلى أحزاب ليست عربية (أكثر من 20٪).
لنأخذ على سبيل المثال ما حدث بين عامي 2020 و2021: في عام 2020 وصلت القائمة المشتركة إلى ذروتها، حيث حصلت على 15 مقعدًا؛ وبلغت نسبة التصويت بين العرب 65٪ وأنخفض التأييد للأحزاب اليهودية إلى 12٪. في عام 2021 انقلبت الصورة: الانقسام تسبب في هبوط التمثيل العربي إلى 10 مقاعد فقط، وذلك بسبب أن نسبة التصويت انخفضت إلى 45٪، ووصل التأييد للأحزاب اليهودية إلى 20٪.
إذا استمرت هذه الاتجاهات، وبافتراض إصرار التجمع على الاستمرار في ترشحه للانتخابات حتى النهاية، فمن المحتمل جدًا أن ما حدث لكتلة اليمين حيث سقط اليمين الجديد في عام 2019، سيحدث هذه المرة في كتلة الأحزاب العربية، والذي بدوره سيؤثر على مجموع كتلة اليسار... مع كثرة الحديث عن عدم نجاح حزب التجمع في إجتياز نسبة الحسم، فهم لا ينتبهون لاحتمال عدم نجاح حزبين عربيين، الأمر الذي من شأنه كسر التعادل وتحقيق انتصار اليمين.
إذا استمرت الأحزاب العربية في الخلاف ما بينها على تقسيم المقاعد، ووضع المصالح الشخصية الضيقة فوق المصلحة العامة للجماهير العربية، والتي هي توصلهم للكنيست، فإنها ستكون مجرد أحزاب لا حول ولا قوة لها، وستبقى دون أي تأثير يذكر. وما ستربحه الأحزاب هو الرواتب العالية لكل عضو كنيست (نحو 45 ألف شاقل راتب شهري)، ومرتبات المساعدين البرلمانيين، ميزانية التواصل مع الجمهور والتي تبلغ نحو 110 آلاف شاقل في السنة والأكثر أهمية هي ميزانيات التمويل الحزبي والتي تبلغ أكثر من مليون شاقل لكل عضو كنيست في السنة.
دعنا ننتظر، ونرى ما ستفرزه نتائج الانتخابات للكنيست ال-25.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
كلام صحيح 100%