سري القدوة: سفير الاعلام العربي في فلسطين/ رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
المجتمع الدولي يدرك أن دولة الاحتلال ماضية في تنفيذ مخططاتها ومشاريعها وانتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي وباتت تتعايش مع تلك المطالبات الدولية البائسة وغير الجدية، ويدرك أيضا أنها ماضية في تصعيد الأوضاع في ساحة الصراع وعدوانها الشامل ضد الشعب الفلسطيني دون أن يحرك ساكنا أو يمارس ضغطا حقيقيا على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذا التصعيد المتواصل، أو لإجبارها على الانخراط في عملية سياسية حقيقية لإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين احتراما لما تبقى من مصداقية للمجتمع الدولي وشرعياته .
ولكن لا يمكن استمرار تشتت الجهود الدولية وان يبقى الموقف الدولي يراوح مكانه ويكتفي في تقدير موقف ضمن قرارات أممية لا تنفذ أو بيانات إدانة وشجب ومواقف رافضة شكلية لا تترجم إلى خطوات وإجراءات عملية والاكتفاء بمطالبات بائسة لدولة الاحتلال بوقف جرائمها الاستيطانية وإعداماتها الميدانية وهدم المنازل وغيرها .
ومن المعروف ان مطلع الثمانينيات شكل محطة مفصلية في الإرهاب المنظم الذي قاده المستوطنون إذ تم كشف النقاب عن "التنظيم السري اليهودي" الذي انطلقت نواته من قلب الاستيطان في الخليل، ووضع التنظيم الإرهابي على أجندته هدفين أساسيين، الأول تفجير مسجد قبة الصخرة في المسجد الأقصى، والثاني وضع برامج لتنفيذ هجمات واعتداءات شاملة وواسعة على الفلسطينيين بالضفة والأغوار والقدس، لترويعهم ودفعهم إلى الهجرة، والاستيطان مكانهم ويؤمن أتباع هذه العصابات وهي صاحبة فكرة البؤر الاستيطانية ومشاريع الاستيطان الرعوي، بـ"أرض إسرائيل الكبرى"؛ إذ يعتبرون الفلسطينيين دخلاء ويجب طردهم من البلاد للحفاظ على "يهودية الدولة"، وشرعوا في نشاطهم الإرهابي بالضفة ليتوسع لاحقا ويمتد إلى جانبي الخط الأخضر.
مع توغل المشروع الاستيطاني في الضفة والأغوار والقدس وهيمنة المستوطنين على معسكر اليمين الإسرائيلي ومحاولات المجتمع الدولي الدفع نحو حل الدولتين ظهرت عمليات إرهابية وهجمات على الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم ويستمر الاحتلال بارتكاب جرائم الحرب واقتحامات قوات الاحتلال والمستوطنين وعناصرهم الإرهابية، وما تخلفه من خراب ودمار وإعدامات ميدانية وسرقة المزيد من الأرض الفلسطينية وتجريفها وهدم المنازل والمنشآت الفلسطينية ومطاردة وملاحقة المواطنين الفلسطينيين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم المهددة بالاستيلاء عليها، وممارسة أبشع أشكال التطهير العرقي في عموم الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، بالإضافة لاستمرار الحصار الظالم على قطاع غزة والاعتداءات والتوغلات المتواصلة على العديد من المناطق في القطاع وكذلك استهداف مراكب الصيادين بشكل مستمر وتتحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجرائم المتواصلة ونتائجها الكارثية على فرص تحقيق السلام وتطبيق مبدأ حل الدولتين .
باتت دولة الاحتلال تتصرف بأسلوب العصابات وعنجهية القوة والعربدة على شعبنا الأعزل على سمع وبصر العالم، وتشكل جرائمها تكريسا لنظام الفصل العنصري (الابرتهايد) في فلسطين المحتلة كأمر واقع لا يمكن تغييره أو القفز عنه، بما يؤدي لإغلاق الباب أمام أية فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدس الشرقية، واستبدالها بأطروحات ومواقف مجتزأة بهدف تصفية وشطب الحقوق الفلسطينية كما أقرتها قرارات الشرعية الدولية .
وتبقى انتهاكات وجرائم دولة الاحتلال المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني ومقومات وجوده في أرض وطنه وحقوقه العادلة والمشروعة امتداد طبيعي لإرهاب العصابات الصهيونية لاستكمال تنفيذ خارطة مصالحها الاستعمارية التوسعية في فلسطين، ولم يعد للشعب الفلسطيني أي خيار أمام عنف المستوطنين وإن المطلوب الآن اجتماع سياسي فلسطيني لوضع خطط عملية ليس للرد على المستوطنين وإنما للجمهم أساسا ووقف عربدتهم .
[email protected]
أضف تعليق