بقلم: ناجي حداد، المدير العام لشركة دليفركت في الشرق الأوسط
لعلّنا نتفق جميعاً على أن التقليل من هدر الطعام هو هدف نبيل، وتأكيداً على ذلك فقد بدأت دول الخليج بالفعل بوضع وتطبيق المبادرات التي تحقق تلك الرؤية. على سبيل المثال، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة العام الماضي مبادرة "نعمة" وهي مبادرة وطنية للحدّ من نفايات الطعام وإهداره، بينما أطلقت السعودية مؤخراً خططاً لتقليل هدر الطعام بما قيمته 10.66 مليار دولار أمريكي عبر برنامج وطني من إعداد وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان.
وبالطبع لا يمكن إلقاء اللوم بأكمله على المطاعم، إلا أن قطاع توصيل الأطعمة يساهم مساهمة هائلة في تلك القضية. فخلال العامين الماضيين، شهد القطاع نمواً ضخماً وصل إلى 270 مليار دولار أمريكي، مستفيداً بذلك من تدابير الإغلاق الواسعة وإجبار الشركات والمشاريع الخاصة على الإغلاق.
ما الذي يمكن للمطاعم فعله لتقليل هدر الطعام؟ تتمثل الخطوة الأولى في دراسة أسباب الهدر في مجال توصيل الطعام، ومن ثم يمكننا النظر ملياً في عملية إنتاج الطعام والطلب عبر الإنترنت للقضاء على الهدر.
ما هي أسباب الهدر عند توصيل الطعام؟
قد تبدو مشكلة هدر الطعام صعبةً بعض الشيء، ولكن يمكننا التقليل منها عندما تصبح لدينا رؤية أوضح عن حجم الطلبات وبيانات تفضيلات العملاء. فالمطاعم ليست الجانب الوحيد المسؤول عن هدر الطعام، حيث ينتهي حوالي عُشر الطعام الذي تطلبه الأسر في النفايات على شكل بقايا طعام. ولهذا فإن الطلب الزائد عن الحاجة تحدٍ آخر تستطيع المطاعم مواجهته من جانبها حتى وإن لم تستطع التأثير على سلوك العملاء بعد أن يغادر الطلب المطعم.
أبرز مقاييس توصيل الطعام التي ينبغي للمطاعم تتبعها:
● دقة الطلب – فتقليل الأخطاء مهم للتقليل من هدر الطعام
● نسبة التوصيل في الوقت المحدد – لأن وصول الطعام متأخراً يجعله بارداً أو فاقداً للمذاق مما يؤدي إلى شكاوى العملاء، وانتهاء الطعام في النفايات بدلًا من تناوله
● متوسط زمن التوصيل لكل مرة – وهو عامل مهم كذلك لضمان وصول الطعام بالحالة المناسبة
● حجم الطلب – متابعة حجم الطلب حسب الفئة يساعد في التنبؤ بشكل أفضل لدعم المشتريات والإنتاج
● التقييم عبر الإنترنت – متابعة مستوى رضا العملاء لتجنب رمي الوجبات غير المرغوبة
كيف تستطيع المطاعم استخدام البيانات المتعلقة بتوصيل الطعام للتقليل من الهدر؟
هناك جانبان يمكن للمطاعم من خلالهما العمل على تقليل هدر الطعام: الأول هو استخدام بيانات طلبات التوصيل لقياس الطلب والتحكم بمستويات المخزون وبالتالي عدم إنتاج وجبات أكثر من المطلوب. أما الجانب الثاني هو استخدام تلك البيانات لتحسين قوائم الطعام وأنظمة الطلب لتشجيع العملاء على طلب الكميات المناسبة من الطعام.
تقليل الهدر في المصدر
يعد المطعم بحد ذاته المكان الأهم للبدء بتقليل هدر الطعام، وذلك عبر إدارة المخزون بإحكام وإدارة وضبط عمليات الطلب وإدارة الوصفات والتكلفة. فكيف يمكن للبيانات والمرئيات الناتجة عن أداء طلبات الطعام مساعدتك في معالجة هدر الطعام؟
● دقة إدارة المخزون
تعتبر إدارة المخزون في المطاعم من الأمور بالغة الصعوبة والدقة، فهناك المكونات الطازجة والجافة والمجمدة والتي تختلف احتياجات تخزينها وفترات صلاحيتها. ومن الوارد أن ترتفع كميات الغذاء المهدور في حال عدم إدارة المخزون بالشكل الصحيح قبل تلقي الطلبات.
إن أساس طلب الكميات المناسبة من المخزون لتقديم خدمة ما هو التنبؤ الدقيق بالطلب ليوم معين، وتلك ليست مهمة سهلة ولكن بوسع مالكي المطاعم دراسة الأداء السابق في فترات مماثلة لتقدير كميات المخزون اللازمة والطعام الذي ينبغي إنتاجه.
والأمر المبشر هنا هو أن المطاعم تحصل على رؤية مفصّلة ودقيقة للبيانات عندما تستخدم المنصات الرقمية وأدوات الطلب عبر الإنترنت لطلبات التوصيل، وفي حال وجود أنظمة تقنية مناسبة تتواصل فيها أنظمة الطلب وشركاء التوصيل والتقنيات الأخرى معاً، فسيكون بوسعها إعداد التقارير والتوقعات التي تدعمها في التنبؤ بأكبر قدر ممكن من الدقة.
● تقليل أخطاء الطلب
تخيل ليلة جمعة حافلة في أحد المطاعم، حيث تأتي الطلبات بكثافة وبشكل مستمر من رواد المطعم ومن عدة منصات للطلب عبر الإنترنت. يسارع الموظفون في المطعم لأخذ الطلبات بينما يديرون عدداً من الأجهزة اللوحية التي تنقل لهم طلبات العملاء، وبالتالي من السهل أن يفوّت أحدهم طلباً أو يدخله بشكل خاطئ بسبب ضغط العمل.
أما فريق المطبخ فيعمل على إعداد الطلب الذي قد يتجه إلى أحد الضيوف داخل المطعم أو للتوصيل الخارجي. وهنا قد تحدث الأخطاء أيضاً إما في تحضير الطلب أو إرساله، مما يعني الحاجة لإعداد الطلب من جديد وتعويض العميل، لينتهي الأمر بالطلب الخاطئ في النفايات، إلى جانب المال والوقت المهدرين بسبب ذلك الخطأ.
ومن أبسط الطرق لتجنب هدر الطعام في المطاعم الحرص على عدم ارتكاب الأخطاء التي يمكن تجنّبها، حيث سيكون على المطابخ استخدام بيانات الطلبات لتحديد عدد الطلبات التي سيتم إعدادها من جديد، ومن ثم تحسين النظام بشكل يحدّ من تلك الأخطاء، بالإضافة إلى أن تبسيط عمليات الطلب يمكن أن يقلل الأخطاء إلى الحد الأدنى.
● إطلاق الحملات الترويجية لإدارة المخزون بالشكل الأمثل
عندما تكون المطاعم على اطلاع مستمر على بيانات الطلبات الخاصة بها فسيكون بوسعها معرفة أوقات الذروة والفترات الأقل طلباً، ويمكنها استخدام تلك المعلومات لإطلاق حملات ترويجية تشجع الناس على الطلب خارج أوقات الذروة، الأمر الذي يساعد في تجنب ارتكاب الأخطاء وتقليل هدر الطعام في فترات الذروة. كما بوسع المطاعم أيضاً استخدام أدوات إدارة قوائم الطعام بشكل مستمر كي تطلق حملاتها الترويجية بشكل سريع يشجع بيع المواد التي لا بد من بيعها في يوم معين.
تقليل هدر الطعام في المنزل
رغم أن التقليل من هدر الطعام في المطعم يعود على الأعمال بمنافع جمة، إلا أن هناك مشكلة حقيقية تتجسد في هدر الطعام بالمنازل. ويوجد بعض التدابير التي يمكن للمطاعم اتخاذها من أجل تقليل احتمالية وصول الطعام إلى النفايات، وإن كان ذلك لا يحسّن أعمالها بشكل مباشر ولكن هناك من يقول بأن العملاء الذين يطلبون الكمية المناسبة من الطعام ويتلقون طلبهم بشكل صحيح ودقيق لا يرمون الطعام، وبالتالي فهم أقرب إلى عمل تقييمات إيجابية للمطعم ويصبحوا من زبائنه الدائمين، حيث لا يوجد أحد يرمي الطعام الجيد.
وفيما يلي طرق تساعد المطاعم في الاستفادة من بيانات الطلبات الخارجية لتقليل هدر الطعام في المنزل:
● ضبط حجم حصص الطعام
من الصعب حساب كمية الطعام الذي يرميه الزبائن في النفايات دون إجراء مسح حول الأمر، ولكن بإمكان المطاعم معرفة متوسط حجم الطلب وتكراره من خلال بيانات التوصيل. وعند التحكم بحجم حصص الطعام فإن المطاعم تساعد العملاء كي لا يطلبوا أكثر من حاجتهم وتساهم في تقليل الهدر في المنازل، كما يعود ذلك بالنفع على أعمالها لأن تكلفة الطعام ستقلّ عند السيطرة على حجم الحصص.
● الوصف الواضح في قائمة الطعام
تستطيع المطاعم مساعدة عملائها في طلب كمية الطعام المناسبة عبر جعل حجم الحصة مناسباً وتوضيحه في قائمة الطعام من خلال إدراج الوصف والصور المناسبة التي تبيّن للعملاء حجم الطبق وبالتالي يمكّنهم من طلب الكمية المناسبة. كما يساعد تحليل التوجهات والبيانات المطاعم في تصميم قوائم الطعام لتناسب عملائها وتساعدهم في طلب الكمية المناسبة من الطعام لتقليل الهدر.
مواكبة المقاييس الرئيسية لتحقيق النجاح في المستقبل
يعدّ هدر الطعام من خدمات التوصيل الخارجي مشكلة كبيرة، ولكن هناك عدداً من طرق معالجتها كما رأينا، سواء في المطعم أو بعد مغادرة الطعام للمطبخ. وبإمكان المطاعم الاستفادة من مقاييس توصيل الطعام لمساعدتها في تقليل كميات الطعام المهدور، كما يمكن أن يعود ذلك بمنافع عديدة على الأعمال، من تحسين المخزون وضبط الإنتاج إلى تسهيل وتوضيح عملية الطلب عبر الإنترنت وتحسين تجربة العملاء.
[email protected]
أضف تعليق