المتنمر الوديع
اكتر ما يميز المتنمرين على المتنمر عليهم، عشوائية التفكير والتعالي وفرض القوة.. والعكس صحيح هو سكوت المتنمر عليه وعدم جرأته على الرد او تخوفه!!
هذه النظرية مع كل سلبياتها تبين الضدّين بعلم الاجتماع الحديث ولكن ما قولكم عن أناس يدعون الوداعة ويتسلحون برقه الإحساس وحلوا اللسان ورهف الروحانيات وهم يتنمرون عليكم وأنتم غافلون ...
كان هناك بإحدى قرى الريف البعيدة أناس يتعايشون مع واقعهم... واحلامهم تبدأ مع صباحهم وتنتهي عند مساءهم، وكان اغلبهم يمتلك من حنكه الحياة ويفتقر للعلم والتفافة والتطور الذي يعيشه العالم ولا يعنيهم. على عكس أولاد المختار الذين ذهبوا لتلقي علمهم خارج البلدة بدوله قريبه، وبعد مده لم تتجاوز تسعه شهور عادوا الى عرينهم مرفوعون على الاكتاف ليصبحوا رمزا للقرية.
وكان هناك رجل حكيم يقرأ بين السطور ما يجهله رافعوهم على الاكتاف وصاح بهم ... ما انتم فاعلون أيها البسطاء ارجلكم تقودكم لقيدهم وتهللون وتهتفون كل الطريق الى زنزانة العبودية...!! فصاحوا به اسكت أيها الابله ولا تتعدى على اسيادك فهؤلاء أبا عن جد أصحاب مقام.. اما الاخوين تمنوا للحكيم طول العمر ونعم الله تغمره.. حتى انبهر الحضور بوداعتهم، ما هذا التقى وما هذا التواضع وما هذا الكرم!! ونسوا ان هذا أخطر أنواع التنمر على عقولهم وسلبها بأسلوب السلاسة والكلام المعسول حتى باتوا مغيبين بهذه الشخصية ويقتدون بها ... اما الحكيم قرر ان يعاملهم بأسلوبهم مهما طال الزمان ليكشف حقيقتهم ويحرر المساكين منهم وبدأت الحرب.. وللحرب قواعدها
... بدأ الحكيم بكشف المستور عن خفايا الزمان التي طواها الغش والخداع بردائهم وكشف للناس البسطاء كيف استولى جدهم على ارض فلان ومرعى فلان وسلب ارض فلان وهم الان يستولون عليكم ليحكموا بختم المختار وأنتم تلّبسونهم العباءة..
اما المتنمرين الودعاء كان متوقعا منهم ان يحاربوا بالبسطاء ويبعثون بهم الى ساحة المعركة، ليعادون الحكيم واهل بيته ويصدون كل انتقاد يوجه للأسياد.. ونسوا ان المعركة كلما طالت لن تكون بصالحهم وهذا ما حدث لم يتوانى الحكيم عن هز الأرض تحت بساطهم ليطير غبار الكذب عن وجوههم وتبقى الحيرة على وجوه الاتباع .......من الصادق هم ام الحكيم؟!!
وهذا ما أراده الحكيم ان تسأل الناس نفسها وتعيد الحسابات من جديد وان تقرر بين الكلام المعسول دون رصيد على ارض الواقع وبين أصحاب الأقوال والأفعال.
ع مين الملامة
كنت اترجل مع ذاتي بأزقه القرية القديمة حيت كانت بالماضي حياتها النابضة، وعند وصولي الى ساحة البلاط سرقني نظري الى الزاوية حتى رأيت كراسي القش للقهوة والطاولات الخشبية الزرقاء ورائحه الدلاية التي تعزم الضيوف من بين مسالك الازقه حتى تترحون بلحظات نساها الزمان..
وهذا ما كان ...اقتربت ودخلت لأجلس بين اقطاب الفكر بالمجتمع الواحد التي لا تجمعهم الكثير من الروابط انما يجمعهم فنجان القهوة ولعبه الورق ولعبه الطاولة..
ودار سجال بين الجالسين عن الوضع المزرى الذي اّلت اليه أحوال المجتمع بشكل عام والبلدة بشكل خاص ... وهنا قررت بين ذاتي وذاتي ان أتأنى واسمع قبل ان أبدى الرأي
ع مين الحق كان كلمه المفتاح اما الأجوبة فحصدت من غمارها ما اختلج فكري ومنها:
- الحاكمين بالبلد ضيعوها
- كم حرامي استلموا امانه مش قدها
- رجال الدين أصبحت مهمتهم الصمت وفقدوا المصداقية
- الاهل المهتمين بشؤنهم وخصوصياتهم غير مبالون بأبنائهم
فتوجهت صوبي نظرات وكأنها تسألني رأي!! وهم العارفون أنى لا اجامل أحد , فهززت رأسي وقلت
كلكم صادقون وكلنا فاشلون،
كفانا البكاء على الاطلال وكفانا ان نتباكى وبعد دقائق كأن شيئا لم يكن، وكفانا ان نكون شعب رهن الإشارة مطوّق خلف دينه والزعامة. والا ستندمون حيت لا ينفع الندم
وارتشفت ما تبقى من كأس قهوتي وعدت اسير بأزقه القرية حيت كانت قرية ...
اياكم والتبعية العمياء
كنت مدعوا الى سهره تقافيه تبحت بعلم الاجتماع والفلسفة النمطية لسلوكيات المجتمع، وكان جوهر الحديث عن امر قد يبدوا بديهيا بتعامل البعض معه ويمتعض منه من يملك من كرامه الفكر والذات ما يجعله مترفعا عن التبعية العمياء والمحاباة والرياء.
وبعد طرح النقاش على الحضور وإعطاء مجال للمشاركة بتوجيه استفسارات، رفعت يدي امام دهشه الجبناء الذين يخشون ابداء الرأي وكنت لبقا" حين قلت للأساتذة أتمنى عليكم الخروج عن التغليف المعتّم للواقع ونتكلم بصراحة.
فكان هناك أستاذ فلسفه اكل الدهر عليه وشرب ابتسم ورفع يده بإشارة.. أنعم علينا بأسئلتك:
- هل تجوز التبعية العمياء لغير رب العالمين
فأجاب الحكيم: حتى الله لا يريد التبعية العمياء دون معرفه كلمته والعمل بها , فليس كل من يقول يا رب يدخل ملكوت السموات
- ما رأيك بأولئك الذين يمجدون البشر ويتبعونهم كالظل
فأجاب الحكيم: أبحت بالخفايا عن ماضيهم وعن شخصيتهم وعن فقرهم المعنوي ..... وعن تسلط هؤلاء الذين يتنمرون عليهم وعن خفاياهم، وهنا قاطع أستاذ علم الاجتماع مبدئا" رأيه الأباء يأكلون الحصرم والابناء يدّرسون ... فلولا تعمقت لوجدت ان الاهل الفقراء ربوا أولادهم على احترام التبعية والاقتراب من الصحن والضحك ع اللحى حتى أصبح واضح للعيان التسلط الارستقراطي، ونحن اليوم نعيش واقع يصطدم به العقل المتحرر بعقول لا تريد التحرر حتى يبدأ صراع التلاتي الاضلاع ما بين الارستقراطي والتابع له والمتحرر
- ما رأيك بالتبعية العاطفية
هنا المصيبة ... فنحن بحاجه ان نتعامل بعضنا بعضا بالحكمة والمحبة والمنطق بالوقت ذاته وإذا اختل ميزان التعامل بإحداهما سنرى الخلل بمبنى وهيكله هذا التعامل
- ما رأيك بالمتسلط على التابع له
يعامله كلعبه جميله يتسلى بها بوقت فراغه وقد تكون معه بغرفته على الرف وقد تبقى منسيه حتى يراها ليتذكرها ولن تكون ابدا شغله الشاغل لأنه مهما عصرها ومزقها ونتف ريشها ستبقى لعبته لا محاله فلن يهتم لمشاعرها ولا لصرخاتها لأنه يعرف اذا تمردت وازعجت نيافته فلا مكان اخر لها سوى سله المهملات حتى تحملها سيارة النفايات الى المزبلة
وهنا تدخلت اراء الأساتذة ومنها
- يستغلون اتباعهم لمرائبهم الشخصية
- سياستهم فرق تسد حتى يبقون مسيطرين
- يبنون باتباعهم قليلي الشخصية العنفوان وكأنهم هم حماه الديار ويا ويلي
- يعطون من لا يعرفون شيئا بشيء إحساس انهم كل شيء ويحولونهم الى مرجعيه
- عندهم كلمه انا ولا مكان لكلمه نحن
- يسيطرون على الفكر لاتباعهم ويفرضون عليهم وصاية التعامل وتطويعهم لصالحهم
- كيف لصغار القوم ان يرتشفوا ما تعنيه التبعية وسلبياتها وهم جاهلون
ولضيق الوقت قال عريف الحفل يسعدنا ان نلتقي من جديد لنطرح قضايا وحلول تضج مضاجعنا وفكرنا. وأنهى خطابه وهو ضليع بالسيكولوجية اياكم والتبعية العمياء
[email protected]
أضف تعليق