في ظل استمرار الجرائم بالمجتمع العربي، وضمن الجهود والمبادرات لمحاربة هذه الظاهرة التي أودت بحياة أكثر من 90 مواطنًا عربيًا في البلاد منذ بداية العام، أقامت جمعية "حاسوب"، وبالتعاون مع جمعيات أخرى من المجتمع المدني، نهاية الأسبوع الماضية، هاكثون حاسوب لمواجهة العنف والجريمة Hacking The Crime عبر اطلاق مبادرات تكنلوجية لمكافحة الجريمة.
جمعية حاسوب هي جمعية تهدف الى تطوير ودمج شباب وصبايا من المجتمع العربي في عالم المبادرات التكنلوجية وتأهيلهم مع كافة الادوات من عالم ريادة الاعمال لتسهيل انخراطهم في سوق العمل وبناء شبكة علاقات واسعة.
عن المؤتر، وأهدافه والمشتركين فيه، تقول بيسان وتد، مديرة المشروع من قبل "حاسوب": " هاكثون حاسوب ضد العنف والجريمة، هو مسابقة امتدت لمدة 36 ساعة متواصلة، بها اشترك قرابة ال 130 مشترك، الذي تقسموا الى 25 مجموعة بهدف ابتكار حلول تقنية للحد من العنف والجريمة والتي ممكن ان تحول مجتمعنا الى آمن اكثر.
وأضافت: "الأفكار التي نتجت من المشاركين في الهاكثون هي أفكار مبدعة وخلاقة، منها مثلًا تقنية معينة تضاف الى الكاميرات في المدارس التي يمكنها ان تميز حالات الضرب والعنف وتمييزها عن حالات اللعب، وارسال اشارات تحذير الى الطاقم المسؤول في المدارس. ومثلًا افكار تعمل على امان النساء بشكل خاص في الحيز العام، مثل تطبيق يستطيع ان يحدد مدى امان طريق معينة للنساء وهل من الآمن سلوك هذا الطريق أو يجب تجنبه.
وعن الفكرة في الأساس، قالت: "فكرة الهاكثون جاءت في أعقاب تفشي حالات العنف والجريمة في مجتمعنا، لا يمكننا تجاهل كل ما يحصل والتعامل كأننا من مجتمع أو كوكب آخر، لا يمكننا تجاهل جرائم القتل وفقدان الأمان الذي يشعر به كل شاب وشابة في مجتمعنا، رأيننا أننا كطاقم حاسوب يجب ان نأخذ مسؤولية المبادرة في التفكير وتطوير الحلول خصوصًا مع تطور كل موضوع البرمجة والتطبيقات والذي أصبح يدخل في كل مجالات الحياة. لهذا قررنا تسخير الطاقات والمواهب التكنلوجية بالإضافة الى باقي الطاقات والمواهب الشابة من كل المجالات للتفكير وانتاج حلول، ولدينا عدة شركاء من المجتمع المدني الذين كان لهم الدور الفعال في هذا البرنامج، مثل جمعية نساء ضد العنف، مركز أمان، سيكوي، شتيل وصندوق مبادرات إبراهيم ومركز إعلام، وعدد من الشركاء.
وحول تقييمها للمؤتمر والمشاركة: "الحضور كان في غاية، قرابة الـ 130 مشتركًا اجتمعوا ليفكرا بحلول تقنية لحل العنف والجريمة، العديد من الفرق اعضائها لم يعرفوا بعضهم البعض من قبل، وتعرفوا على بعضهم خلال الهاكثون وبنوا فرقهم وفكروا بحلول، بمساعدة المرشدين الذين شاركوا المجموعات من خبرتهم، وارشدوهم بكيفية تطوير افكارهم .
وعلى سؤال حول واقعية الفكرة، وهل بإمكان البرمجات أن تغيّر الأمور الاجتماعية، قالت: "بإمكان البرمجات جعل الحيز العام والخاص أكثر أمانًا، مثل التطبيقات والافكار التي ذكرتها سابقا. نحن نؤمن انه لنا كمبادرين وطاقات شابة وكحاسوب دورًا كبيرًا في انقاذ مجتمعنا من آفة العنف والجريمة، ويجب تسخير كل الادوات التي بحوزتنا، واحدة منها هي البرمجيات، والتي ليست بالأساس نتاج عمل مهندسين ومبرمحين، انما هي ناتج لعمل بين مهندسين، مبرمجين، ناشطين اجتماعيين، معلمين ومحاميين وأشخاص من كافة المجالات".
ضمن المبادرات في المؤتمر كان المشروع الذي بادر إليه كل من نزار حبيب وهو خريج اقتصاد وإدارة أعمال من جامعة تل أبيب، ياسمين حبيب وهي طالبة هندسة بيوطبية في التخنيون والياس بيطار، وهو خريج لقب تمويل (ميمون) من كلية بينتحومي في هرتسليا، يقول نزار حبيب : " لم نعرف بعضنا البعض قبل المؤتمر، كانت هنالك محادثة زوم واخترنا أن نشكل فريقًا، ورغم كوننا من مجالات أخرى، وليس من مجال الهايتك، عملنا على البرمجة بالتعاون وطورنا الفكرة.
وعن الفكرة نفسها، يقول: " مشروعنا بهاكثون Hacking The Crime ، هو تطبيق يساعد وينظم المجتمع لرفع نسبة التطوع لمساعدة النساء المعنفات في الحالات الطارئة، حيث يكون المتطوعون أشخاص من المجتمع، ويقوم التطبيق بتصنيفهم حسب مؤهلاتهم وخبرتهم كي يستطيعوا المساعدة على أفضل وجه (مثلًا المحامي يتطوع في مجالات الاستشارات القانونية، والطبيب في الأمور الطبية وهكذا)، وعند حصول حالة طوارئ أو اعتداء على أي امرأة، تقوم بالضغط على زر في التطبيع كي تعلم المتطوعين أنها في أزمة، ويظهر لهم عنوانها وفق الخارطة ولديهم إمكانية لإبلاغ الشرطة، تخيلوا في أي حالة عنف، يقوم 40 شخصًا بالاتصال بالشرطة، هذا طبعًا سيشكل ضغطًا كبيرًا ويؤتي بنتائج
وأضاف: من اجل تطوير التطبيق بأحسن شكل وجمع المعطيات، تعاونا مع جمعيات عديدة متل جمعية النساء ضد العنف وغيرها، باعتقادي هذا الهاكثون هو حدث رهيب، كل المجتمع يمكن أن يستفيد منه، وفكرة أن تأتي إلى مكان وخلال 48 ساعة تقوم ببناء فريق، وتفكر، وتبدأ بالعمل، وتعرضها في النهاية أمام حكام، هذا أمر محفّز ومميز، ويساهم في تعزيز فكرة العمل الجماعي وفكرة الابداع والابتكار وبناء شبكة معارف مهنية بالطبع، في المجتمع العربي تنظم جمعية حاسوب كل سنة أكثر من هاكثون، وكل مرة يكون الهدف معالجة موضوع معين، هذا العام كان الموضوع هو أهم وأخطر ما نعيشه، العنف والجريمة. ومن يقلل من فكرة الهاكثون ليفكر في عدد الابتكارات العالمية التي بدأت من هاكثون معين، مثل القبة الحديدية مثلًا.
دور منظمات المجتمع المدني
خلود مصالحة، المديرة العامة لمركز "إعلام" ورئيسة تحرير موقع "بكرا" وشاركت في الهاكثون كممثلة عن مركز اعلام، تقول: " فكرة الهاكثون لمكافحة العنف في المجتمع العربي من خلال تطوير مشاريع رقمية جديدة تشكلت في البداية في جمعية حاسوب، وتم التواصل معنا كمنظمات المجتمع المدني ، التي تتعامل مع مجموعة متنوعة من القضايا، على أساس أن كل بيئة مادية لها بيئة رقمية تكميلية، أي لتطوير الأفكار الرقمية يحتاج الأمر إلى دراسة البيئة المادية جيدًا وبناءها وتطويرها.
وتابعت :" إعلام - كمنظمة تعنى بتعزيز حقوق الإعلام، تعمل منذ سنوات في محاربة العنف المتصاعد في المجتمع العربي. لقد قمنا بتشجيع مشاريع فريدة في المدارس وعملنا مع الطلاب من أجل زيادة الوعي بالمخاطر الكامنة في هذه الظاهرة. معًا، قمنا بإطلاق ودعم حملات عديدة ووصلنا إلى مئات آلاف المشاهدين. في الوقت نفسه، قمنا بالترويج للقاءات مع الصحفيين ومعهم أنشأنا خططًا لكيفية تغطية الظاهرة، خاصة في ظل الحجة القائلة بأن الحديث المتواصل عن الظاهرة يجعلها طبيعية، خصوصًا بين لشباب. بالإضافة إلى ذلك ، قمنا بتشجيع منتدى صحافيات خاص يتعامل مع الظاهرة بشكل عام وقتل النساء بشكل خاص بالتعاون والاستشارة والدعم من جمعية النساء ضد العنف.
وأكملت مصالحة عن دور إعلام قائلة: لإعلام بشكل خاص ومنظمات المجتمع المدني بشكل عام، دور مهم في مكافحة هذه الظاهرة، خاصة في ظل عدم وجود معالجة مؤسسية حقيقية. حتى اليوم، كان علاج الظاهرة على المستوى التصريحي فقط، كشعارات، لم تتجاوز الممارسة. وإنشاء مراكز شرطة جديدة، لم يجلب الحلول المنتظرة، ولم يتم جلب حلول حقيقية مثل: الميزانية الخاصة، البرامج في المدارس، توسبع برنامج إعادة تأهيل السجناء، ومكافحة سماسرة الجريمة المنظمة، إلخ. الموقف المؤسسي الحكومي من الظاهرة في الوقت الحاضر متقطع ويركز بشكل أساسي على الشرطة، التي نشعر بها أكثر عن حصول احتجاجات في البلدات العربية، ولا نشعر بها عندما يتعلق الأمر الجريمة. وحتى الشرطة الموجودة لا تعمل بشكل صحيح ومهني، وقضية طمرة (استشهاد الشاب أحمد حجازي) دليل واضح على ذلك (هناك شرطة ولكن لا تعرف كيفية التعامل مع قضايا العنف بالشكل المطلوب).
[email protected]
أضف تعليق