وجدت داليدا الحبّ في «بورتوفينو»، كما يرد في أغنيتها الشهيرة؛ الحبّ هو الذكرى التي يحتفظ بها كل زائر للقرية الإيطاليّة الشماليّة، التي على الرغم من صغر مساحتها، وضآلة عدد سكانها الذين يعدّون بالمئات تجذب الكثيرين، لا سيما ملّاك اليخوت الأثرياء وصفوة المجتمع الغربي ومشاهيره.
«بورتوفينو»، نقطة شهيرة في جنوى بإقليم ليغوريا؛ يتخذ المرفأ فيها هيئة نصف هلال، ويحاط بالمباني ذات الألوان الأخّاذة. من قرية صيد إلى وجهة عالميّة تحضن نادياً لليخوت شهيراً، وفندقاً (بلموند سبلنديدو) مطلّاً على المتوسط والذي افتتح سنة 1901 عرف خلال أكثر من قرن كل نخب المجتمع ومشاهيره، تترجم «بورتوفينو» عبارة «الحياة حلوة» بأفضل صيغة، وتخدر السائح بهوائها، وتجعله يتعلّق بها، مهما قصرت الساعات التي يقضيها فيها، الساعات التي لا بد أن تشتمل على المرور بالمحطّات الآتية.
«البيازيتا» قلب «بورتوفينو»
«البيازيتا» أو «الساحة الصغيرة» هي قلب «بورتوفينو»؛ تطلّ على البحر حيث المراكب واليخوت ترسو. هناك، تحلو الجلسة في أحد المقاهي لاحتساء فنجان «الإسبريسو»، ومعاينة خليط البشر. إلى ذلك، محطّات الطعام كثيرة في المكان، لكنّ «الآيس كريم» في «كافيه إكسيلزيو» المؤسس في سنة 1924، «الآيس كريم» الذي يسمّى paciugo ذائع الصيت، وهو يقدّم مع الكريما المخفوقة والفواكه الصيفية ويزين باللوز المفروم وكسر الشوكولاتة.
قلعة «براون»
هواة المشي على موعد مع نزهة تتطلّب بذل بعض الجهد للصعود إلى صرح «سان جورجيو» الديني؛ التعرّق أثناء المسير في الصيف سينساه السائح عند الإطلالة على القرية الملوّنة من علّ، وأماكن أخرى من الساحل. وبالطبع، لن تتوقف كاميرا «الموبايل» عن التصوير، هناك!
بعد إشباع العينين من المشهد، يمكن متابعة المسير، صعوداً، في اتجاه «قلعة براون» التي بنيت على أطلال برج المراقبة الروماني كحصن لحماية البلاد سنة 1557. علماً أن وظيفة القلعة الدفاعيّة عن خليج «تيغوليو» من الغزوات، والحمائية من القراصنة، تحوّلت إلى فيلّا خاصّة تستضيف راهناً المعارض الفنّية.
جانب آخر من «بورتوفينو»
ثمة نقطة أخرى جديرة بالزيارة هي المنارة المحاطة بالفلل والخضرة الوافرة، المنارة التي لا تزال شغّالة، مع مقابلة حارسها. قد يبدو البناء عاديّاً، لكن المشاهد التي يشرف عليها بهيّة. هناك، ينصح بالاسترخاء في الاستراحة المجاورة، لاحتساء المرطبات وإمتاع العينين بالأزرق الكبير.
إلى ذلك، بعد رحلة سير تمتدّ لساعة ونصف الساعة، يصل السائح دير «سان فروتوزو»؛ في هذه القرية الساحليّة الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكّانها العشرات، ويمكن بلوغها أيضاً عن طريق العبّارة، يحلو الاستجمام على الشاطئ المجاور للدير حيث المياه الكريستالية والشاطئ المحاط بخضرة التلال.
بالقرب من المرسى، لا يفوّت السائح زيارة المتحف في الهواء الطلق، الذي يعرض الأعمال الفنّية النحتيّة المعاصرة، والموقعة بأسماء إيطاليّة، مع التنعّم بنسيم البحر.
إلى الألق البحري، تضمّ «بورتوفينو» محميّة طبيعيّة يرجع تاريخها إلى سنة 1935، في أقصى شمال غربي البحر الأبيض المتوسط، وتحتوي على مجموعة واسعة من نباتات البحر الأبيض المتوسّط، وبعض من الثروة الحيوانيّة. هناك، يحلو المشي.
التسوّق
هو نشاط لا يفوّت في «بورتوفينو» حيث لكل العلامات العالميّة «بوتيكات» تتوزّع بين «رصيف أمبرتو 1 البحري» و«كالاتا ماركوني» و«فيا روما» و«بياتزا مارتيري ديل أوليفيتا»، بالإضافة إلى المحترفات المحليّة التي تبيع المصنوعات اليدويّة من التطريز والأحذية والمجوهرات.
الغوص بالقناع من النشاطات السياحيّة المعروفة في «بورتوفينو»
إلى الإطلالة على البحر من مواقع عدة تشرف عليه، تحلو الرحلة البحريّة لرؤية «بورتوفينو» المحاطة بالتلال من منظور آخر. علماً أن الرحلة البحرية تجمع بين زيارة أكثر من نقطة ساحلية قريبة من «بورتوفينو».
شاطئ «باراجي» الرملي
على شاطئ «باراجي» الرملي، وبخلاف معظم الشواطئ الإيطاليّة الصخريّة، يحلو العوم في المياه الخضراء، وحتّى الغوص بالقناع (سكوبا دايفينغ) حيث الشعاب المرجانية في القاع تقرب من سطح الماء، أو التشمّس.
من «ميلانو» إلى «بورتوفينو»
تعيش مُدوّنة السفر السوريّة والمؤثّرة على وسائل التواصل الاجتماعي ندى الباشا، في ميلانو، وهي سافرت أكثر من مرّة إلى «بورتوفينو» من «ميلانو»، في رحلة تستغرق ثلاث ساعات، بالسيّارة، مع التوقف للاستراحة على الطريق.
عن القرية السياحيّة الشماليّة، تقول المدوّنة: «قبل عشر دقائق من وصول «بورتوفينو»، يمرّ السائق(ة) بـ«سانتا مارغريتا»، والأخيرة بلدة حيويّة تعرف إقبال سائحين كثيرين، فإلى يسار الطريق هناك الشاطئ والبحر، وإلى يمين الطريق تتعدّد الفنادق والمباني الجميلة»، لافتة إلى أن تكلفة الإقامة في فنادق «سانتا مارغريتا» مقبولة نسبيّاً مقارنة ببورتوفينو». تردّد المدوّنة أن الطريق بين النقطتين لافت بمشاهده الطبيعيّة، ومنها النخيل وأشجار الزيتون، بالإضافة إلى الفلل والبيوت الملوّنة، إلى حدّ تمنّت ألا تنتهي الدقائق العشر!
التوقّف في «سانتا مارغريتا» يسمح للسائحين بالمتعة بكلّ نشاطات البحر، أمّا «بورتوفينو» فتمثّل الملاذ الأمثل للمشاهير ومالكي اليخوت، مع كلّ سبل الراحة. تعرف القرية عالميّة الطابع بساحة ميناء اليخوت الرائعة وبالمباني الملوّنة والمياه اللازورديّة اللافتة وبتجمّع يضمّ الأزقّة الحاضنة «البوتيكات» العالميّة والمطاعم والمقاهي. تروي السائحة أن التجمّع يضمّ درجاً قديماً وطويلاً، مع صعوده يصل السائح إلى كنيسة أمامها ساحة يتوزّع فيها السائحون للإطلالة على «بورتوفينو» من علّ والتقاط أجمل الصور.
ندى مرّت بقلعة «براون» التاريخيّة المؤثّثة دواخلها بأثاث فخم، مع ملاحظة مجموعة من صور المشاهير الذين زاروا «القلعة» المزوّدة بـ «ترّاس» تستغل مساحته في تنظيم حفلات الأعراس.
«بورتوفينو بحر عديد الخيارات التي يعرضها على السائحين، ومنها تقديم الأطباق اللذيذة في المطاعم المواجهة له»، حسب المدوّنة، مع الإشارة إلى أنّه في مطعم «دولڤينو» المميّز بالأكلات الإيطاليّة، هناك فرصة الالتقاء بالمشاهير.
هل من نصائح للسائح الذي يقصد «بورتوفينو» للمرّة الأولى؟
تجيب المدوّنة ندى الباشا أن «زيارة القرية مفضّلة في الربيع أو الصيف، فـ «عروس الريڤييرا الإيطالية» تمتلك كلّ ما يجعل قاصدها يقع في حبّها»، مضيفة أنّه يكفي تخصيص يوم لها أثناء الرحلة إلى شمالي إيطاليا، ولو أن الأسعار مرتفعة هناك. لكن، تستدرك المدوّنة، قائلةً إن «بورتوفينو تستحقّ كلّ يورو ينفقه السائح فيها». وتنصح بعدم تفويت ركوب الدرّاجة لاستكشاف الأزقة، كما المتعة بمذاق «الآيس كريم» المحلّي على أنغام أغنية أندريا بوتشيلي عن «بورتوفينو»، والتقاط الصور في كل الزوايا لتخليد التجربة.
[email protected]
أضف تعليق