يرغب بعض السائحين باستكشاف أنقاض ازدهرت فيها ثقافات الشعوب، وربّما بقيت غامضة، أو ضئيلة المعلومات، قبل أن تتلاشى، ما يسمح بالتأويل، ويحفّز على القراءة. علمًا أنّ العديد من المواقع الثقافية والدينيّة في جميع أنحاء العالم إمّا صمد أمام اختبار الزمن أو تم التنقيب عنه، وهو لا يزال على قائمة المعالم المقصودة من الرحّالة العالميين.
"ماتشو بيتشو"
في الجزء العلوي من الجبل، جُمعت كتل حجريّة ضخمة، بدون استخدام الهاون، لإنشاء أحد المراكز الدينيّة والسياسيّة والثقافيّة الأهمّ لإمبراطورية الـ"إنكا"؛ قلعة "ماتشو بيتشو" التي تمّ الكشف عنها في سنة 1911 من قبل الأميركي حيرام بينغهام، مقسّمة إلى قسمين كبيرين:
• القطاع الزراعي، مع شبكة واسعة من المدرّجات.
• القطاع الحضري، مع الهياكل الجذّابة بما في ذلك معبد الشمس.
هناك تتحدّ "الترّاسات" الخضر، بشكل مكثّف، والجبال المهيبة المحيطة بالموقع لتكوين منظر طبيعي مذهل يفوق توقّعات الزائرين! بغضّ النظر عن عدد المرّات التي شاهد المرء فيها صورًا لأطلال الـ"إنكا" الشهيرة، ينتاب زائر المكان في محيط جبال الأنديز، بالبيرو، شيء من الرهبة.
يجذب الموقع الأثري عشرات الزائرين إلى البيرو، سنويًّا ، وفي الآتي، أسرار ومعلومات مخبأة تحت طبقات التاريخ.
1. الموقع ليس "مدينة الإنكا" المفقودة؛ عندما واجه المستكشف الأميركي حيرام بينغهام الثالث "ماتشو بيتشو" في سنة 1911، كان يبحث عن مدينة مختلفة تُعرف باسم "فيلكابامبا" فرّ إليها شعب الـ"إنكا"، بعد وصول الغزاة الإسبان في سنة 1532. ومع مرور الوقت، اشتهرت "ماتشو بيشو" بأنها "المدينة الأسطورية المفقودة"، فقد قضى بينغهام معظم حياته يجادل في أن "ماتشو بيتشو" و"فيلكابامبا" هما العنوان نفسه، وهي نظريّة لم يثبت خطأها إلا بعد وفاته في سنة 1956!
2. يمكن استقلال القطار من كوسكو للوصول إلى الموقع، مع تكبّد ثمن تذكرة نقل إضافيّة، بالحافلة، ذهابًا وإيابًا، صعودًا وهبوطًا على منحدر يبلغ ارتفاعه 2000 قدم فوق أطلال الـ"إنكا". لكن، يمكن القيام بالرحلة داخل الموقع، سيرًا على القدمين أيضًا، إذ يتبع المسار شديد الانحدار طريق حيرام بينغهام سنة 1911، ويوفّر مناظر لافتة لمحمية "ماتشو بيتشو" التاريخيّة، والتي تبدو تقريبًا كما كانت في زمن بينغهام. التسلق شاق ويستغرق حوالي 90 دقيقة.
3. هناك أكثر من قمّة ينبغي الصعود إليها: قبل بزوغ الفجر، يصطفّ الزائرون خارج محطّة الحافلات في "أغواس كالينتس"، آملين أن يكونوا من الأوائل الذين يدخلون الموقع. علمًا أنّه يُسمح لأربعمئة فرد حصرًا بتسلق "هواينا بيتشو" (القمة الخضراء الصغيرة) يوميًّا، القمّة التي تظهر في خلفيّة العديد من صور "ماتشو بيتشو". لكنّ أحدًا لا يكلّف نفسه عناء الصعود إلى القمّة القابعة في الطرف الآخر من الموقع الذي يُطلق عليه عادةً اسم "جبل ماتشو بيتشو". يبلغ ارتفاع القمّة 1640 قدمًا، وهي توفّر إطلالات أخّاذة على المنطقة المحيطة بالأطلال - بخاصّة نهر "أوروبامبا" الأبيض الملتفّ كثعبان حول "ماتشو بيتشو".
• للزيارة الافتراضيّة، اضغط هنا
"ستونهنج"
هذه الحلقة من الحجارة تمثّل تحفةً هندسيّةً بجنوب غرب إنجلترا، وتحديدًا في سهل "ساليسبري" بمقاطعة "ويلتشير". ويبدو أنّ بناءها تطلّب جهدًا كبيرًا من مئات الأشخاص، الذين استخدموا أدوات وتقنيّات بسيطة. الغرض الأساس من البناء غير معروف حتّى اليوم، إذ لم يسكنه أحد، ولم يكن من الممكن الدفاع عنه، لذا لا بدّ من وجود سبب روحي لبذل الناس في أواخر العصر الحجري والعصر البرونزي (بين سنتي 3000 قبل الميلاد و1000 قبل الميلاد) الكثير من الجهد في البناء. لقد قيل أن "ستونهنج" كانت مقبرةً، في بداياتها الأولى. تمّت إضافة النصب ومحيطه إلى قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في سنة 1986.
4 أسباب تغري السائح بزيارة "ستونهنج"
• هناك قصص عن عمالقة أحضروا هذه الأحجار الضخمة من أرض بعيدة، بالإضافة إلى أساطير حول الحجارة التي تتمتّع بقدرات علاجيّة. وفي بحوث حديثة، تبيّن أن "ستونهنج" قد يكون عبارة عن موقع دفن قديم. كل هذه القصص المحيطة بالمكان تجعل من زيارته مُمتعة للغاية!
• التصميم الرائع للموقع، الذي شُيّد خلال ثلاث مراحل: في المرحلة الأولى، كان هيكل ترابي مبني على هيئة حفرة دائريّة. وفي المرحلة الثانية، أُضيفت الأخشاب مع الفتحات المثبتة في الأرض. أمّا في المرحلة الثالثة، فقد ثبّتت الحجارة في مكانها. استغرقت مراحل البناء الثلاث حوالي خمسمئة سنة، بين 3000 قبل الميلاد و2500 قبل الميلاد. تنصّ نظرية أخرى على أنه تم بناء المكان، على ستّ مراحل، واستمر البناء حتى سنة 1500 قبل الميلاد.
• اكتشاف المئات من القطع الأثريّة، في "مركز الزائرين" و"المعرض". وكلّه يمتلك قيمةً كبيرةً، وقد عُثر عليه في الموقع، وكان قد دفن أو استخدم في البناء.
• في "معرض ستونهنج"، يُمكن الاطلاع على نماذج تصوّر تاريخ "ستونهنج"، باستخدام تقنيّة متقدّمة لإحساس حقيقي بأهميّة المكان.
• للزيارة الافتراضيّة، اضغط هنا
أطلال "كاراكول"
تعدّ "كاراكول" أكبر مدينة تتبع شعب الـ"مايا" تمّ التنقيب عنها في "بيليز"، الدولة التي كانت تُعرف بـ"هندوراس البريطانيّة"؛ يضمّ موقع "كاراكول" الضخم معابد مهيبة، يُمكن لزائريها، راهنًا، تسلّقها للاستمتاع بإطلالة رائعة على محميّة غابات "تشيكويبول" المحيطة. لا يزال الموقع الأثريّ نشطًا، فعلى الرغم من الكشف عن العديد من كنوزه، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من البحث للتعرّف إلى كلّ أسراره.
بعد استكشاف السائح أطلال "كاراكول" الجذّابة، يمكنه الاستمتاع بالسباحة في أحواض السباحة المعبأة بمياه شلّال "بيج روك فولز" المنعشة أو "ريو أون بولز" في جبل "باين ريدج" القريب. بفضل استثمار من حكومة بيليز، فإنّ الطرق المؤدي إلى "كاراكول" في حالة جيّدة، والقيادة إلى الموقع تمنح الزائرين فرصة للاستمتاع بالجمال المذهل للنبات والحيوان في غابة "تشيكويبول" المطيرة". الاسم الأصلي للمدينة غير معروف، ولكنّها تُسمّى، اليوم، باسم "كاراكول"، والأخير مصطلح إسباني يعني "قوقعة الحلزون"، وهو اللقب الذي أطلق عليه بسبب الكميات الهائلة من قذائف الحلزون التي خلفها السكان الأصليون. على الرغم من أن "كاراكول" تستحق الزيارة، إلا أنها لا تقع بالقرب من أي منطقة مأهولة بالسكان الحديثة في بيليز، ولكن الخبر السار هو أن معظم الرحلة إلى الموقع تتم على طرق معبّدة.
في أوجها، كانت مدينة "كاراكول" تمتدّ على أكثر من 168 كيلومترًا مُربّعًا، وكانت موطنًا لأكثر من مئة ألف شخص، وهي أكبر بكثير من أي مدينة اليوم في بيليز. هناك، لا يُفوّت المرور بالمباني الموجودة في منطقة الملعب الرئيس، والتي بُنيت خلال فترة أوائل العصر الكلاسيكي.
منذ إعادة اكتشاف الموقع، في عشرينيات القرن الماضي، عثر علماء الآثار على أقدم لوحة منحوتة معروفة في بيليز، ومجموعة من اللوحات الأخرى، التي يبلغ عمر بعضها أكثر من 2400 سنة. كان الاكتشاف الأكثر شهرةً هو قصر السماء أي الهرم الضخم الذي لا يزال أطول مبنى من صنع الإنسان في بيليز. تصف الاكتشافات الحديثة للرموز في "كاراكول" انتصارًا عسكريًّا على مدينة "تيكال" الشهيرة ، مما يشير إلى أنّ "كاراكول" كانت قوّة عظمى في عصرها.
• للزيارة الافتراضيّة، اضغط هنا
المصدر: سيدتي
[email protected]
أضف تعليق