اكتملت دَسْتَةٌ من مهرجانات الهيئة العربية للمسرح هذه السنة على مسارح مدينة عمّان. هذه هي المرّة الثالثة التي يُقَيَّضُ لي المشاركة فيها. مهرجان هذه الدورة، وللمرة الثانية في عمّان، اتَّسَم بتجمّع عربي حافل وكثيف من فنانين مسرحيين وممثلين وفرق وضيوف عرب من المحيط الى الخليج.
لحسن الحظّ أنّ العراق وسوريا شاركتا في هذه الدورة، ولسوء الحظّ بقيت ليبيا واليمن خارج حدود اللعبة المسرحية.
هذه اللّمّة العربية التي ضمّت مسرحيين ومفكّرين وباحثين، شكّلت خزّانا مفعمًا بالعروض المسرحية والنّدوات الفكرية، إن دلّت على شيء فإنما هي تدل أنّ الفنان العربي يمكن أن يكون رافعة مهمّة من أجل الوحدة والوعي والشعور الحميم بعروبتنا التي تشكّل جامعا قويًا يعيد إلينا الطمأنينة بأنّنا حقا عالم عربي، ولسنا مجموعة من الجزر المتناثرة بين مياه وصحارى العرب.
الهيئة العربية للمسرح تثبت مع تقدّم دورات مهرجاناتها ونشاطاتها الواسعة بأنها كل مرة تُطوّر نفسها وتقدّم المزيد من الدّعم والحثّ على التميّز والنضوج لدى المتحفّزين للمشاركة والمنافسة، والعصف الدماغي خلال العروض المسرحية، والتقييم النظري والعملي للفعل المسرحي.
بدا حالنا الجمعيّ في المهرجان مناقضا لحالنا التشتّتي لعالمنا العربي الذي يمر بمرحلة من التخبّطات والصراعات والشرذمة والقتال والانقسام والتدهور وسفك الدماء والدمار؛ يكاد يبدو كحالةٍ من الانحدار الانتحاري.
شكرا للشارقة وللدكتور "سلطان محمد القاسمي" على محاولتهم لم الشمل العربي، ولو بشكل متواضع، من خلال الفن المسرحي الذي يثبت قدرتنا على تمثيلنا وتجميعنا كعرب تحت سقف المهرجان، بدلا من إحباطاتنا الكبيرة جراء ما يجري من تخبطاتٍ سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنيّة وحربية وجُزُريّة قاتلة.
هنالك الكثير من الأمل فيما يجمعنا، وفيما يفرّقنا هنالك الكثير من الإحباط والتخبّط؛ وبعض الأعمال المسرحية التي شاركت في المهرجان عبّرت بشكل واضح عن هذه المعادلة العبثية التي نعيشها.
أملنا كبير أن يكون مهرجاننا القادم في "المغرب" مفعمًا بزوال العتمة الجاثمة فوق صدر عالمنا العربي، وبالكثير من الشروق والاستقرار، والخروج الى النّور.
*راضي شحادة: مسرحيّ وكاتب وباحث وروائي فلسطيني.
[email protected]
أضف تعليق