*بمناسبة مرور خمس سنوات على الاحتجاج الاجتماعي في البلاد الذي انطلق في صيف العام 2011 وشارك فيه مئات الآلاف من المواطنين، عقدت كلية العلوم الاجتماعية في جامعة تل أبيب مؤتمرًا أكاديميًا خاصًا حول الموضوع، شارك به النائب د. يوسف جبارين إلى جانب العديد من الأكاديميين والمختصين والناشطين في المجال.
واستهلّ جبارين مداخلته الافتتاحية للندوة بملاحظات نقدية لمنظمي المؤتمر لعدم دعوة متحدثين اكثر من المجتمع العربي للمشاركة باعمال المؤتمر، وخاصة في الطاولات المستديرة بعد الندوة، وكذلك لعدم شمل اللغة العربية في النشر عن الموتمر وفي الدعوات اليه، مؤكدًا ان هذا التغييب للمواطنين العرب ولغتهم يعكس اشكاليات عانت منها حركة الاحتجاج الاجتماعية التي يتمحور حولها المؤتمر.
وقال جبارين بأن الاحتجاج الجماهيري الاجتماعي في العام 2011 كان نتيجة حتمية لحالة الاستياء الكبير التي سادت بين المواطنين في البلاد بسبب الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية جراء سياسات الدولة الرأسمالية والنيو-ليبرالية. واوضح جبارين ان سياسات الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة أدت بدورها الى تركيز الثروة بأيدي مجموعة صغيرة جدا من اصحاب رؤوس الاموال، بالإضافة إلى استمرار غلاء المعيشة وارتفاع الضرائب وتآكل المرافق الخدماتية الأساسية والضمانات الاجتماعية، واستفحال سياسات خصخصة الخدمات العامة التي مسّت بشكل مباشر بالطبقات المستضعفة والطبقات الوسطى التي فقدت شبكة الأمان الاجتماعية أيضًا، الامر الذي دفع بالكثيرين الى الخروج للشارع واندلاع هذا الحراك الاجتماعي الذي غاب من مشهد المجتمع الإسرائيلي لسنوات طويلة.
وأضاف جبارين بأن الحراك الاجتماعي في إسرائيل تأثر أيضًا بالأزمة الاقتصادية العالمية في اوروبا وبالمظاهرات الاحتجاجية في دول عديدة في العالم، بالإضافة إلى الحراك الاجتماعي في مصر وتونس، احتجاجًا على الوضعية الاقتصادية-الاجتماعية المتدنية وعلى الفساد المستشري هناك، وصولًا إلى الحراك الاجتماعي في العام 2011 الذي عكس بعض التعبيرات لحراكات دولية تزامنت حينها.
وتطرق جبارين في كلمته إلى مدى تفاعل المجتمع العربي مع الحراك الاجتماعي الاحتجاجي في العام 2011، وأكد بأن مشاركة المجتمع العربي كانت محدودة نسبيًا بالرغم من ان غالبية العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر ونسبة البطالة العالية، وخصوصًا بين صفوف النساء العربيات، مبيّنًا أن هذه الوضعية كانت نتيجة متوقعة لان حركة الاحتجاج لم ترتقي لتطرح بديلا اجتماعيا، اقتصاديا وسياسيًا شاملًا لكل المواطنين، بل انها رسخّت اقصاء المجتمع العربي من خلال ابعاده من قيادة حركة الاحتجاج ومن المطالب الرئيسية والخطاب المعطمن لهذا الاحتجاج، وذلك كما يبدو لان قيادة الاحتجاج اعتقدت ان الوصول إلى قطاعات أكبر من الشارع اليهودي سيأتي من خلال الابقاء على المواطنين العرب خارج دائرة التأثير المركزية. هذا التوجه، كما اضاف جبارين، عزّز من الشعور بالاغتراب بين قطاعات واسعة لدى المواطنين العرب وبين حركة الاحتجاج مما ابقى على الناشطين العرب خارج هذا الحراك، رغم ان نجاح هذا الاحتجاج كان من المفروض ان يخدم ايضًا القضايا الاقتصادية والاجتماعية بالمجتمع العربي.
وأضاف جبارين ان نتنياهو نجح نسبيًا في احتواء حركة الاحتجاج وامتصاص غضب الناس من خلال تشكيل لجنة طراخننبرغ، رغم ان توصيات اساسية في اللجنة لم تطبق، كما ان نتنياهو سعى من خلال التحريض الهستيري على المواطنين العرب الى حرف الخطاب الاجتماعي الى خطاب عنصري وقومجي ضد العرب من اجل وضع الخطاب ضمن سياق العداوة بين اليهود والعرب على حساب ائتلافات اجتماعية مطلوبة بين اليهود والعرب ضد سياسات متنياهى واليمين.
كما واوضح جبارين ان الميزانيات متوفرة وان الأساس هو في سلّم اولويات الحكومة، ففي الوقت الذي تدعي الحكومة بنقص في الميزانيات لدعم المجموعات المستضعفة فانها تبادر الى توسيع الاستيطان والطرق الالتفافية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وتبادر الى تخفيضات ضريبية على الشركات التجارية مما سيكلف خزينة الدولة ملياردات الشواقل التي كان من الممكن استثمارها في القضايا الاجتماعية.
[email protected]
أضف تعليق