في الوقت الذي انتشرت فيه بكتيريا "السالمونيلا" في منتجات إسرائيلية معروفة يدخل بعضها السّوق الفلسطيني خاصّة في الضّفة الغربية المحتلة، لم يجد المستهلك الفلسطيني تحذيرًا رسميًا من تلك الأصناف التي قد تشكّل خطراً على حياته، وهذا ما قد يجعل السّوق الفلسطيني مستباحًا من جانب، ويترك المستهلك عرضة للمخاطر الصّحية على الجانب الآخر.
وكانت جمعية حماية المستهلك (جمعية أهلية) حذّرت من دخول أصناف من منتجات غذائية إسرائيلية إلى السّوق الفلسطيني، رسبت في الاختبار العالمي للجودة، ما يشير إلى حقيقة غياب الجّهد التوعوي وضعف الجانب الرقابي لجهات الاختصاص، ما يعزز حقيقة حالة الاستباحة للسوق الفلسطيني أمام البضائع الإسرائيلية، التي تدخل "قانونيًا" أو عبر "طرق التهريب".
وفي وقت تؤكد الجهات الرقابية الفلسطينية فيه تنفيذها عديد الفحوص الدورية وتنفيذها للجهود الرقابية، إلّا أنّها تنفي ضبط منتجات ملوثة بالبكتيريا، وتؤكد منعها دخول الكثير من المنتجات التي أثبتت الفحوص احتواءها على نسب مرتفعة من المواد الحافظة.
غياب المعايير
أمين سر جمعية حماية المستهلك في رام الله والبيرة رانيا الخيري ترى أنّه لا بدّ من وضع معايير وشروط خاصّة لدخول أيّ منتج للسوق الفلسطيني، وتحديدًا أن يكون منسجمًا مع مواصفات فلسطينية ثابتة ومعروفة، بهدف ضمان السلامة والصّحة للمواطن.
وتشير الخيري في حديثها لوكالة "صفا" إلى أنّ هذا الأمر يستوجب أن يخضع لقرارات حاسمة من جانب وزارة الاقتصاد، إضافة إلى العمل على سحب أيّ منتج يرسب في الفحص من الأسواق مباشرة.
وتؤكد أنّ هناك تلوثًا في عديد المنتجات الإسرائيلية التي تدخل السّوق الفلسطيني، وسط غياب لتوعية المستهلك من جانب الجهات الرقابية الفلسطينية، من خلال البيانات والإعلانات للمستهلك بضرورة الابتعاد عنها وعدم تناولها.
وفي المقابل، تقول الخيري إنّ لدى الفلسطينيين في مصانعهم الكثير من الرقابة والمعايير ذات الجودة العالمية، لافتة إلى أنّ لجنة حماية المستهلك حينما تتواصل مع المصانع الفلسطينية تجد استجابة سريعة وتعديلًا للأخطاء التي قد تقع فيها بعض الجهات.
وتشدد على أنّ الثقة تتعزّز من خلال إخضاع الجهات الرقابية الفلسطينية كامل المنتجات الغذائية التي تباع في السّوق الفلسطيني للفحوص المخبرية، للتأكد من الجودة والسلامة ومطابقتها للشّروط الصّحية.
وتشير الخيري إلى أنّ بكتيريا "السالمونيلا" جرى اكتشافها في الطحينة وفي كلّ المنتجات التي تدخل فيها وخاصّة الحمص الإسرائيلي.
منتجات خاصة
أما الناشط صلاح الخواجا في اللجنة الوطنية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، فيقول لوكالة "صفا" إنّ المشكلة الجدية تتمثل بانفتاح السوق الفلسطيني على نظيره الإسرائيلي، بسبب التداخلات الموجودة ما بين المستوطنات ومناطق الضّفة، وعدم وجود كادر فلسطيني للمراقبة والمتابعة وملاحقة كلّ البضائع التي تدخل من المستوطنات.
ويلفت إلى أنّ نحو 10 آلاف طن ضبطت من المواد الغذائية في طريقها للدخول إلى السوق الفلسطيني مؤخرًا، ناهيك عن البضائع الأخرى التي تدخل في مناسبات عديدة، ولا تتوفر فيها الشروط والمواصفات المطلوبة فلسطينيًا.
ويؤكد خواجا أنّ هناك تمييزًا واضحًا في المصنوعات المخصصة للفلسطينيين في جانب والأخرى المخصصة للسوق الإسرائيلي أو للتصدير إلى الخارج، لافتًا لوجود خطوط إنتاج خاصة بالضفة في المصانع الإسرائيلية، بمواصفات غير التي تبيعها في أسواق أوروبا.
ويرى أنّ المواد المصنّعة أيضا لقطاع غزة ليست بذات مواصفات المصنعة للضفة، مشيرًا إلى أنّ إسرائيل تبيع مواد ومنتجات للفلسطينيين بمبلغ يتجاوز الخمسة مليارات دولار سنويًا، وتغرق أسواقنا المحلية وتضرب منتجاتنا الوطنية، وتكون حسب تأكيد الخواجا من الدرجة الرابعة في الإنتاج.
لكنّ الأخطر في المنتجات التي تدخل السوق الفلسطيني، حسب الخواجا، تلك المنتجات التي تدخل من المستوطنات، والتي من غير المعروف مدى سلامتها وجودة تصنيعها، وتكون بعيدة عن أعين الجهات الرقابية.
ويذكر أنّ "إسرائيل تريد استثمار صناعاتها على حساب الحياة الفلسطينية بزيادة كميات المواد الحافظة في المواد الغذائية المباعة للفلسطينيين، لتمكث أكبر وقت ممكن في الحفظ سواء في الثلاجات أو غيرها ولا يجري حساب هذه المدد في ملصقات تاريخ الانتاج، والتي تستبدل بتاريخ خروجها من المعابر باتجاه الضّفة الغربية رغم مرور أيام على إنتاجها".
ويؤكّد أنّ مقاطعة المنتجات الإسرائيلية قضية وطنية تساعد في توسعة قضية المقاطعة ضدّ "إسرائيل"، معتقدًا أنّ مقاطعة ما نسبته (15 بالمئة) من المنتجات الإسرائيلية لصالح منتجات فلسطينية سيُمكّن من توفير نحو (70 ألف) فرصة عمل داخل المناطق الفلسطينية.
زيادة المواد الحافظة
مديرة الرقابة في الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني هزار أبو بكر تقول إنّ وزارتها اتخذت إجراءات مسبقة خاصّة للمنتجات الإسرائيلية، مشيرة إلى أنّه تم التأكد من عدم وجود المنتجات الراسبة في السوق الفلسطيني، مثل "حبوب الكونفلكس" الإسرائيلية.
لكنّها تشير إلى حظر دخول بعض السلطات والألبان الإسرائيلية بعد أن تبين احتواءها على نسبة عالية من المواد الحافظة، ومُنع إدخالها، إضافة إلى منع إدخال منتجات شركتي "شتراوس" و"الصبار" الإسرائيلية بنفس الأسباب.
وتوضح لوكالة "صفا" أنّ المستهلك الفلسطيني يجب أن يكون في حالة من الطمأنينة، خاصّة بعد القرار الأخير القاضي بأخذ عينات دورية من كلّ المنتجات الإسرائيلية التي تدخل السوق الفلسطيني، لفحصها ومقارنتها مع معايير الجودة والسّلامة العامة.
وتؤكّد أبو بكر أنّه يجري التواصل مع أقسام وجمعيات حماية المستهلك لتقوم هي بدورها في توعية المواطنين بالبضائع والمنتجات التي يجب تجّنبها من جانب المستهلك، في حال ثارت شكوك أو مخاوف حولها أو تبينت الفحوص مخالفتها لمعايير السلامة.
[email protected]
أضف تعليق