مع بداية عام دراسي جامعي جديد حيث يُقبل الطلاب العرب على مسيرة جديدة, تجربة مختلفة لم يصادفوا مثلها من قبل.
عملية الإنتقال من المرحلة الثانوية للجامعية عملية ممتعة ومخيفة في الوقت ذاته. فللمرة الأولى ستكون مسؤولاً بشكل كامل عن حياتك وخصوصياتك، سيكون عليك التأقلم مع الغرباء وتكوين صداقات، إيجاد حلول لمشاكلك، وهذا كله وأنت بعيد عن أصدقائك وأسرتك. التأقلم مع الحياة الجديدة مع لغة جديدة.
هنالك عدة صعوبات تواجه الطالب العربي أهمها البعد الجغرافي والتأقلم الإجتماعي إضافة الى ذلك اللغة العبرية لكن يمكن التغلب على هذة الصعوبات بالتوجه الصحيح والسليم, سأقدم لكم بعض النصائح التي قد تسهل عليكم التأقلم والإنخراط بالشكل السليم في هذه المؤسسة وخوض التجربة بنجاح.
1) البعد الجغرافي والتأقلم الإجتماعي :
يواجه الطالب العربي نتيجة تغيير مكان السكن والبعد الجغرافي وتغيير المحيط بشكل عام لضغوطات نفسية كبيرة، فهو بعيد عن عائلته وبيئته الأصلية اللتين تمثلان مصدر دعم نفسي أساسي له بما فيهما من دعم واحتضان واللتين تعززان بدورهما مشاعر الثقة والامان. فمع دخوله الجامعة أي اغترابه والسكن لوحده هو ملزم بالقيام بوظائف جديدة اعتاد دوما أن يقوم بها أشخاص آخرون من أجله. وهو مضطر لاتخاذ قراراته بنفسه وحل مشاكله لوحده، والاهتمام بتوفير حاجاته الاساسية من طعام ولباس وغيره بشكل مستقل. هذا يتطلب من الطالب العربي أن يتحضر نفسيا لهذا التغيير، وأن يفحص مع نفسه مدى قدرته على مواجهة صعوبات الانتقال لبيئة جديدة ولنمط حياة مختلفين يلزمانه بالاستقلال عن عائلته ومحيطه. لذلك إن أكثر الطلبة الناجحين هم أولئك الذين ينخرطون بصورة نشطة في تعليمهم وذلك عن طريق تفاعلهم مع زملائهم ومحاضريهم ومشاركتهم في نشاطات مختلفة ويصبحون جزءاً من مجتمع الجامعة عبر تكوين جماعات مساندة يمكن أن يلجأوا اليهم للمساعدة ومن هنا فإن على الطالب الجامعي الجديد أن ينخرط ولكن ليس بصورة مفرطة, في الفصل الأول مع محيطه موازاةً مع التخطيط الأكاديمي السليم, وافضل طريقة للقيام بذلك هو البحث عن طلاب قدامى ذوي خبرة في مجال التعليم والمنطقة التي اخترت أن تتعلم بها, هذه الإستراتيجية بالتوجه الى المحيط أي الانخراط السليم المتوازن قد يسهل عليك التأقلم مع الواقع الجديد وتخطي مرحلة صعوبة البعد الجغرافي وكل ذلك منعاً لأن يؤثر هذا العامل على دراستك وإنجازك العلمي.
2) توقع الغير متوقع:
الإيجابية والتفاؤل أمران مهمان، ولكنهما لا يتعارضان مع عملية التوقع والتخطيط لغير المتوقع. لا تتوقع أن الأمور ستسير كما تود دائماً. سيكون هناك محاضرون وطلاب بأطباع مختلفة، أكل غير لذيذ، سكن بعيد، محاضرات في الساعة السابعة صباحاً والسابعة مساءً، مواد يصعب عليك فهمها. وهنا أنا لا أقصد أن تتوقع أن ما سيحدث معك هو الأسوء دائماً، ولكن لا ترفع سقف طموحاتك إلى درجة غير منطقية، فتشعر بالإحباط عندما تصدم بالواقع. تأمل أن تحصل على الأفضل، ولكن ضع في حسبانك أن الأسوء قد يحدث.
3) إدارة الوقت :
هناك الكثير من العوامل التي تؤدي الى سرقة الوقت, تجنبها ولا تنس أن هدفك الأساسي الذي جئت من أجله هو التعليم وإنهاء اللقب لذلك عليك خلق موازنة بين الحياة الاجتماعية والوقت المخصص للدراسة وخاصة في وقت المحاضرات وفترة الإمتحانات.
4) أساليب الدراسة :
إن الدراسة الجامعية ترتكز في الأساس على الإجتهاد الذاتي والتحضير الفردي من توفير المواد والمراجع حتى الدراسة بشكل فردي, عليك معرفة كيفية استعمال المكتبة الجامعية للوصول الى المواد المطلوبة لتحضير الوظائف والامتحانات. كما عليك أن تهتم بتحضير برنامجك الدراسي, إضافة ان طريقة الدراسة والتحضير تختلف عن الفترة الثانوية فالفترة الجامعية تتطلب منك قراءة وتفكير أكثر وخفظاً أقل مما في المدرسة, لذلك واظب على حضور المحاضرات وتدوين المواد ويمكن الإستعانة دائماً بنُسَخ من مواد من طلاب قدامى مما يسهل عليك عملية الدراسة والتأكد أنك تملك المادة بشكل كامل مرتبة وبأفضل صياغة.
إضافة لما ذكرته اعلاه وضرورة تحدي الصعاب بشكل ذاتي يمكن للطالب التوجه دائمًا الى المراكز الخدماتية التي تقدمها الجامعة والتي من شأنها إيجاد الحلول لغالبية المشاكل, فهناك نقابة الطلاب وعمداء الطلبة الذين يملكون مندوبين ولجان التي ترافق الطالب من يومه الأول, يمكن الإستعانة ايضًا بالخدمات التي تقدمها هذه الأجسام مثل : مرافق اجتماعي لأول ثلاثة أشهر يساعده على التأقلم الإجتماعي والنفسي, مرافق اكاديمي ذو خبرة والذي يساعد الطالب في اساليب الدراسة ويوجهه في كيفية إدارة الوقت ومساعدته في المواضيع التي يستصعب فيها , لجان خاصة في حالة تواجد مشاكل شخصية او نفسية.
هناك الكثير من الخدمات التي تقدمها هذه المراكز بشكل مجاني, فقط عليك التوجه اليها ومعرفة نوعية هذه الخدمات والإستفادة منها قدر المستطاع فهي جزء من حقك كونك تدفع مقابلها ضمن القسط التعليمي.
5) الصعوبات المادية :
يصل القسط التعليمي في الجامعة حتى 15 الف شاقل, إضافة الى تكاليف السكن والمصاريف الشخصية وتكاليف السفر والطعام والشراب وطباعة المواد كل هذه المصاريف تشكل عائقًا امام الطالب لإنهاء تعليمة بالشكل الكامل والسليم.
للتغلب على هذه المشكلة يمكن البحث دائمًا عن المنح التي تقدمها الجامعة والتي تكون معاييرها في الغالب الحالة الإجتماعية الإقتصادية, يمكن الإستعانة ايضًا بِ "منحة بيرح " او " مفعال هبايس " والتسجيل اليهما, ويمكن دائمًا اللجوء الى الحل الأمثل وهو إيجاد عمل مناسب للطلاب, ففي البلدات التي تتواجد فيها الجامعات تتوفر عادة أماكن للعمل بأوقات تناسب الطلاب, العمل إضافة الى مردوده المادي يشكل عاملًا مهمًا في تذويت الشخصية وتطويرها ومن شأنها زرع مفاهيم الإستقلالية والإعتماد على الذات وهي صفات مهمة ان تتواجد في شخص الطالب.
6) اللغة العبرية :
هذا ال " بُعبع " يشكل أكبر عائق لدى غالبية الطلاب العرب, ذلك يعود لعدة أسباب لن أخوض بها, لكن سأخوض في كيفية التغلب عليها. تعليمك ونقاشاتك والمواد الدراسية ستكون في اللغة العبرية, هذا يعني ان هنالك أهمية كبرى للسيطرة على اللغة, لا تخف !عليك أولاً ان تكون متيقناً انك تعرف لكن ما ينقصك هو فقط " المخالطة " لذلك لا تهب استعمال اللغة حتى لو أخطأت, ستتعلم حتماً. لتتطوير اللغة ممكن أن تقتني الجرائد العبرية وقراءتها , عادة يتم توزيعها في مدخل الجامعة, يمكنك أيضاً الإبحار في المواقع العبرية من خلال " الإنترنت "سيكشفك هذا على مصطلحات جديدة, فإذاً الممارسة والتثقيف كفيلان أن يساعداكَ في التغلب على هذا العائق.
اتمنى انني إستطعت المساهمه ولو قليلًا في التوجيه او المساعدة نحو مسيرة تعليمية ناجحة ومثمرة.
انهي مقالي بمقولة للفيلسوف غاليليو الذي قال : " لا يمكنك تعليم أحد أي شيء، بل فقط مساعدته على العثور على المعرفة داخل نفسه.
[email protected]
أضف تعليق