لم تعتقد شادن أسعد شمشوم أن تجربتها كأم ستقودها إلى تأسيس مشروعها الريادي، وذلك بإنشائها مركز حرير كأول مركز في فلسطين مختص برياضة الحوامل.

شادن أم لطفل عمره سبع سنوات، وهي من مواليد مدينة القدس المحتلة، حصلت على شهادة البكالوريوس تخصص فندقة من جامعة بيت لحم، لم تعمل في مجال تخصصها إلا لسنوات قليلة، وأثناء حملها الأول قررت تغيير مهنتها وهي في سن الـ33 اي مباشرة بعد ولادتها.

عن فكرة إنشائها المركز، توضح شادن أنه خلال فترة حملها التحقت بمركز تدريبي في القدس مختص في تقديم تمارين رياضية بالسيدات الحوامل، مشيرة إلى أن التجربة اكسبتها الكثير من الفائدة الصحية والنفسية.

لقد كان لتلك التجربة الأثر الايجابي على نفسية شادن، إذ روادتها فكرة بإنشاء مركز مختص برياضة الحوامل هو الأول من نوعه في فلسطين، وهو ما كان لها بإنشاء مركز حرير وذلك في مدينة رام الله عام 2012 بعد أن خضعت لتدريب في هذا المجال لمدة عام ونصف العام في مركز بالقدس.

مواجهة الصعوبات
لم يكن إنشاء مركز حرير فكرة سهلة التطبيق، فشادن لم تكن متخصصة في هذا المجال، ولكن اقتناعها بفكرة المشروع ومدى جدواه على صحة الأم وسلامتها أثناء الولادة وبعدها، دفعها إلى مواجهة كل الصعوبات التي اعترضت طريقها، فقد اضطرت إلى أن تخوض تدريبا متخصصا في هذا المجال في مركز بالقدس يشرف عليه اسرائيليون ويتدرب فيه اسرائيليون كذلك، لكن قناعتها بضرورة نقل التجربة إلى فلسطين شكل لها جافزا بضرورة تلقي التدريب.

وعن هذه التجربة تقول" كنت الفلسطينية الوحيدة التي شاركت في التدريب، واضطررت أن اتعايش مع اسرائيليين، لم اكن مرغوبا من قبلهم ولم اكن انا كذلك راغبا في التعايش معهم، لكنني فعلت ذلك لمدة عام ونصف العام طلبا للعلم وليس بحثا عن الاختلاط بهم".

الحصول على شهادة دولية
تمكنت شادن من الالتحاق بعضوية مؤسسة لاماز انترناشونال الدولية وهي أكبر مؤسسة مختصة في مجال رعاية الحمل والولادة والامومة المبكرة، وقد خضعت لتدريب مطول قبل ان تحصل على شهادة تدريب في رعاية الحمل والأمومة، وهي الآن تعتبر المدربة الوحيدة في فلسطين المختصة في هذا المجال والعضو في المؤسسة الدولية.

لماذا الحاجة للتدريب؟
ولكن السؤال الذي قد يتبادر للحوامل هو مدى حاجتهن لرياضة مختصة، العديد من الدراسات العلمية أثبتت أن المرأة الحامل تحتاج إلى تدريبات رياضية خاصة من أجل سلامتها أثناء الولادة ولضمان صحة جيدة لمولودها.

وتضيف شادن"" النساء الحوامل يحتجن إلى كثير من الدعم النفسي خلال الحمل وما بعد الولادة"، منوهة إلى أنها وزوجها تمكنا من الاشتراك سويا في لقاءات تحضيرية خاصة بالحمل والولادة أثناء حملها وقبل إنشائها المركز وقد عاد ذلك بنتائج صحية ونفسية عليها وعلى المولود وكذلك الزوج.

وحول أهمية هذه اللقاءت، تقول شادن "هناك تقلبات تحصل للزوجة وكذلك الزوج بعد مرحلة الولادة، ومعظم الأزواج يمرون بها وإذا لم يكونوا جاهزين لهذه المرحلة يمكن ان تواجههم العديد من الصعوبات، فمثلا تدخل نساء في مرحلة ضغط نفسي والزوج لا يستطيع ان يتواصل مع زوجته أو مع طفله.

ثالوث متكامل
التدريب الرياضي الذي يقدمه المركز لا يعتبر بديلا عن زيارة الطبيب، فهو يطرح برنامجا مكملا لدور كل من الطبيب والقابلة.
وتنوه شادن إلى أن ثالوث المدرب والقابلة والطبيب هو متكامل ولا يجوز لاي منهم ان يعمل بمعزل عن الآخر.
وتضيف" المعلومات التي تود السيدة الحامل ان تأخذها اثناء زيارتها الطبيب لن تحصل عليها، لأن عيادة الطبيب تكون ممتلئة بالزوار وهو لا يريد اضاعة الكثير من الوقت، وبالتالي يمكن المتابعة فيما بعد مع المدربة المختصة، أما القابلة فتساعدها خلال الزيارات الدورية أثناء الحمل".

مجتمع محافظ وفكرة جديدة
مركز حرير مشروع ناشئ واجه صعوبات وبخاصة في البدايات بشأن نشر فكرته لا سيما في ظل اعتقاد مجتمعي بأن الأمور المتعقلة بالحمل لا بد أن نأخذها من الأقارب أو المحيطين بنا"، مشيرة إلى أن التعامل مع الحوامل في غرفة الأطباء كونها مريضة ليس صحيحا فالحامل تمثل حالة اجتماعية وليست مرضية بنيما يكتب في عيادات الانتظار "غرفة المرضى!".

شادن لا تقدم في مركزها تدريبات رياضية تقوم على الحركة فحسب، وإنما تقدم برامج تدريبية متخصصة تقوم على الشرح العلمي وتحدث حالة تفريغ نفسي تساعد الحوامل على آلية التعامل مع الحمل وصولا إلى مرحلة الولادة وما بعدها.

وانطلاقا من مسؤوليته الاجتماعية، وتحقيقا للرغبة في دعم الحوامل، يعمل مركز حرير على تقديم حصة مجانية للسيدة الحامل لاطلاعها على طبيعة الخدمات المقدمة ثم تختار السيدة بعد ذلك إن كانت ترغب في اكمال البرنامج التدريبي أم لا.

لقاءات مع الشريك
لأن الحامل ليست حالة فردية، وإنما مجتمعية وأسرية كذلك، فإن المركز يقدم لقاءات تجمع الحوامل مع أزواجهن وهي عبارة عن ستة لقاءات على مدار ستة اسابيع تكون مدة اللقاء ساعتين، إذ تخلق هذه اللقاءات وهي عبارة عن برامج تثقيفية حالة إنسجام بين السيدات الحوامل وأزواجهن تمهد الطريق لتذليل اية عقبات تعترض طريق السيدة الحامل خلال فترة الحمل والولادة وما بعدهما ويجري خلالها تبادل للتجارب وتخلق حالة نفسية ايجابية لدى السيدة الحامل بانها ليست الوحيدة في هذا العالم من هي في حالتها.

اسألن جدادتكن
بنبرة يعلوها صوت الواثق، تدعو شادن كل الحوامل إلى الاستفسار عما كانت جداتهن وأمهاتهن يقمن به خلال فترة الحمل، ليتوصلن إلى استنتاج تدعمه الدراسات والأبحاث العلمية مفاده أن الرياضة للسيدات الحوامل ضروة.

سيدتي الحامل، كيف كانت جدتك تجدّ الزيتون وتساعد في الحراثة وترعى الأغنام وتغسل بيدها ثم تنجب أصحاء دون استخدام مسكنات طبية، بينما يكثر في عصرنا الولادات القيصرية وحالات الوفاة اثناء الولادة والتشوهات الخلقية؟

شادن أصبحت معروفة اليوم لدى معظم الأطباء الذين يشرفون على عمليات الولادة
فالحوامل اللواتي تلقين في مركزها تدريبات رياضة ولدن دون مسكنات، ودون اي استخدام لمواد طبية مؤثرة وأنجن أطفالا أصحاء.

مشاركة في مؤتمر عالمي
في شهر ايار الماضي شاركت شادن في مؤتمر عالمي للولادة عقد في القدس خصص للقابلات والممرضات والمدربين المعتمدين وكان مركز حرير الوحيد الذي شارك من فلسطين، بالإضافة إلى ثلاثة مستشفيات عربية من القدس.
وتضيف شادن" في هذا المؤتمر كان لي الشرف بأن تلقيت محاضرة من قبل واحدة من أشهر القابلات في العالم" داعية كافة الأطراف الطبية في فلسطين إلى الاستفادة من مؤتمرات كهذه وعدم الالتفات إلى الأمور السطحية قائلة"هناك من يرفض المشاركة بدعوى مقاطعته لاسرائل، أنا اقاطع اسرائيل في النواحي السياسية والاقتصادية، ولكن حينما نتحدث عن الاستفادة الصحية والطبية فعلينا أن نعيد حساباتنا لأن الأمر يتعلق بنقل الفائدة إلى شعبنا في المجال الصحي والطبي".

تدريبات رياضية ليست للحوامل
رغم أن مركز حرير هو مركز يتخصص بالتدريب الرياضي للسيدات الحوامل، غير أنه يقدم تدريبات رياضية اجتماعية في استديو يخلو من استخدام الماكينات الرياضية لفئات عمرية مختلفة.

فبعض هذه التدريبات مخصصة للأطفال وأخرى للفتيات المراهقات وثالثة للبالغات اللواتي تزيد أعمارهن عن عشرين عاما. وترى شادن أن الأماكن الرياضية المخصصة للسيدات والفتيات في البلد شحيحة مقارنة مع تلك الأماكن المخصصة للرجال والذكور. ويعتمد المركز في تدريباته على متدرببين مؤهلين وحاصلين على شهادات متخصصة.

وتتنوع التمارين الرياضية بين ما هو مخصص لزيادة دقات القلب وحرق الدهون وأخرى لشد عضلات الجسم، وبرنامج ثالث يجمع بين الأمرين، كما أن بعض التمارين الرياضية تعتمد على الرقص، ورياضات أخرى مخصصة للأطفال مثل تدريبهن فن الكاراتيه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]