مرت عشر سنوات لمعهد اطار كلمح البصر لكن بصعوبة لا تفتت حتى الصخر والحجر مروا خلالها بصعوبات كثيرة كادت تصهرهم في حم اليأس ولهيب النيران، لكن العمل والأمل والتصميم وقوة الارادة كانت اقوى من جميع التحديات وفاقت جميع التوقعات.
معهد إطار "معهد فؤاد فائق عازر " كان حلما راود الفنان ابن البلد طيب الذكر فائق عازر ولم يتنازل عن حلمه والذي من خلاله حقق احلام الكثيرين من عشاق الموسيقى الأصيلة الطربية، وابتدأ المشوار مشوار الاشواك الذي تكلل بالورود بنهاية المطاف. بدأ العمل من مكان لمكان ومن منطقة لمنطقة خلال اعوام عدة الى ان استقر المعهد الصغير حجما الكبير قلبا وقالبا. في وسط مدينة الرملة ، كان للمعهد وللحلم شركاء دعموا المسيرة منذ بدايتها شركاء بالأمل وبالعمل الشاق وبالدعم المستمر منذ البداية وحتى يومنا هذا ماديا ومعنويا ، لم يمت الحلم بعد وفاة صاحبة بل استمر به نجله مدير معهد إطار فادي عازر والمديرة الإدارية والفنية نجلته ميرا عازر التي اضفت للمعهد رونقا مميزا ليس فقط من خلال عزفها او تعليم العزف بل بالغناء وبناء جوقة من نساء وفتيات من اللد والرملة أما الإضافات الأخرى للمعهد فكانت أنامل فنانة عريقة المربية الفاضلة إميلي عازر تعلم الأطفال والكبار معنى الفن واستعماله من خلال ريشتها وألوانها لتطلق خيالها الى العنان لتنتج صورا تكاد تنطق من حدتها وتقنيتها بأسلوب فذ وذوق رفيع. وبرزت الجوقات من خلال المعهد جوقة طلاب المدرسة الارثوذوكسية الرائعة وجوقة النساء والفتيات بأصوات مختلفة.
أما من جهة الطلاب فهم شبه عائلة كبيرة واسعة تحتضنها الأم "إطار" ولم تقتصر على التعليم فقط بل سادت وتسود الاجواء العائلية من خلال الاحتفالات بأعياد ميلاد كل فرد وبالتواصل وبالأحاديث الطويلة وبالتفهم والصبر وأجواء الهدوء الاطمئنان، فبينهم طلاب جدد وطلاب قدماء ومعلمين قدماء ومعلمون جدد يعلمون صقل الصوت والعزف والإبداع اما جيل الطلاب فلا يتحدد عمرهم فهم من الخامسة الى ما فوق الخمسين لأن ليس للفن ولم يقتصر على عمر او جيل وتوالت العروض والكونسيرتات لهذا المعهد المميز بطاقمه الموهوب من عازفين ومطربين ومؤدين وفنانين مهنيين حتى ذاع صيتهم في البلدان المجاورة وقدموا اروع ما لديهم خارج مدينتي اللد والرملة آخرها كان في مسرح السرايا بمدينة يافا وما زالت هنالك عروض أخرى بالقريب.
بعز الشتوية
لم تكن أمسية كباقي الأمسيات، ولم تكن الفرقة مجرد معزوفات ولم تكن الجوقة مجرد فتيات، ولم يكن الجمهور مجرد زائر مجاملات، ولم تكن مجرد ألحان وأغنيات. هذه ليست مطلع أغنية بل حقيقة واقعة لأمسية الاحد الاخير والذي لم يكن عيد وليست ليلة العيد، لكن الأجواء والحشد والجمهور الرائع والفرح الذي غطى على الجميع أوحى بذلك، جمهور كبير ملأ مقاعد ألقاعة جمهور يتذوق الموسيقى الاصيلة ويميزها دون غيرها. جمهور محب داعم راق كل فرد بشخصه جلسوا بشموخ وكبرياء ليس كبريائهم لنفسهم بل بكبرياء الذي أوحت به بنت البلد الفنانة ميرا عازر وكما يتفوه بها العاميون "بنتنا منا وفينا " التي وقفت من وراء جميع الإبداعات الغنائية الطربية والرومانسية، وليس فقط التي ادتها بل التي أدتها أيضا الجوقة المبدعة تحت إشرافها والتي كانت بحد ذاتها مفاجأة للجمهور من حيث ترديد الصوت ورخامته والإلتزام التسلسلي ورغم اختلاف الأصوات بين أفراد الجوقة إلا أنهن شكلن معا مزيجا رائعا اطرب الآذان أما ضيفا العرض الفنانين سماح مصطفى وفادي عبود فقد أبدعوا من خلال غنائهم وكانت اختيارات الأغاني موفقة ورائعة واحتلوا إعجاب الجمهور بشدة.
أمّا العازفون الذين عزفوا بالأمسية فكانوا مهنيون مبدعون متمكنون وأيضا معظمهم يعلم في المعهد وهم: على الكمان: اسعد مطر، احلام كنعان، اكرم عبد الفتاح، يوسف مخول، هزار قمر، لؤي نداف، نديم مخول، على الايقاع: عطاف بشارات ومعن الغول، على الناي: الفرد حجار، على القانون: شكري امسيس،على البيانو: غادي ابو سمعان، على التشيلو: هبة عمري، على الكونتراباص: ايليني مستكلم، على النشأت كار: عنان عواد، على العود: لؤاب حمود، على الجيتار: تشارلي رشماوي وقد برز اكثر من عازف بينهم من خلال العزف المنفرد الذي بدورة اذهل جمهور الحضور.
أما ميرا فقد اثلجت الصدور وأذهلت الحضور وأضفت على الحفل نورا بعد نور من حيث غنائها وأدائها ومرافقة الفرقة وتوزيعها (كما وشارك في توزيع أغنية "ماليش أمل" -والتي غنتها ضيفة الشرف الفنانة سماح- الفنان عازف الكمان أكرم عبد الفتاح) هذا عدا صوتها الرائع المتمكن والذي من خلالها غنت لكبار المطربين والمطربات بأغان راقية قديمة اصيله اعادتنا من خلالها الى الزمن الجميل وحلقنا في سماء النشوة.
لقد كانت أمسية أو كونسيرت لا يقل عن الكونسيرتات التي يقوم بها كبار الفنانين محليا وعالميا والذي وقف من وراءه جنود مجهولين معروفين وهم كثيرون دعموا ماديا ومعنويا مثل اعضاء الإدارة الأخ رمزي شرّش محامي الجمعية والأخ تحسين النفار من مؤسسي الجمعية الذي استقبل الجمهور بكلمة شكر وترحيب وتقدير من خلال كلمته واثنى لكل من ساهم وشارك لإنجاح هذا العرض تلاه مدير المعهد فادي عازر بكلمة شكر وترحيب وثناء قصيرة ليعطي قسطا اكبر للجمهور للتمتع بالموسيقى وبالعرض.
قام بعرافة الحفل أمير العيسة الذي رحب بالجمهور الكريم وأعطى لمحة عن معهد اطار ومن ثم القى كلمة مؤثرة حل هذا المعهد وأهميته
لقد كانت أمسية كحجرات الفسيفساء قطع حجارة صغيرة مزركشة، لكل حجر له صبغته ولونه ورونقه الخاص لكن عندما التصق الحجر بالحجر شكل قطعه فنية نادرة وروعة بالجمال تكاد لا تنسى.
[email protected]
أضف تعليق