نجحت الفنانة النصراوية، ريم بنا، أن تطير بصوتها الدافئ، لتُحلق بعيدًا عن دائرة الفن المحلي، لتصل إلى إطاراتٍ أوسع نحو الفن العربي، والعالمي. وذلك بفضل موهبتها الفنية التي صقلتها أكاديميًا، خلال دراستها تطوير الصوت وتاريخ الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى في موسكو.
مؤخرًا، تم اختيار الفنانة ريم بنا واحدة من أفضل 5 موسيقيين في العالم، كواحدة من أفضل الفنانين في العالم الذين ساهموا في التطورات الموسيقية على الساحة الفنية العالمية المعاصرة ، مع أربعة فنانين آخرين من العالم وتم بث حلقة خاصة معها، في "هيدروجين" في إذاعة iCat – كاتالونيا.
ونتج عن مسيرة ريم بنا الفنية الممتدة من عام 85 حتى اليوم مجموعة من الألبومات الغنائية كان آخرها " تجليات الوجد والثورة"، الذي لاقى رواجًا على المستوى العربي والعالمي. الذي يحتوي على (12) قصيدة، وانتصف عملها الأخير بين القصائد الصوفية، للشاعرة رابعة العدوية، وابن عربي، وابن الفارض، والحلاج، والقصائد المعاصرة والمقاومة لمحمود درويش، وراشد حسين، وبدر شاكر السياب والشاعر التونسي عمارة عمراني.
وما يُميز هذا الألبوم أن جميع الأغاني من تلحين ريم بنا، وتوزيع موسيقي للموسيقار العالمي- بوغي وزلتوفت، الذي دمج بين الموسيقى الشرقية والغربية.
الغائب..والاتهام بالإلحاد!
كانت جرأة من ريم بنا أن تُغني الغائب وتتصدر بها ألبومها، نظرًا، لكلمات القصيدة الجريئة، إذ اتهمها البعض بالإلحاد بسبب غنائها لهذه القصيدة.
وقالت ريم خلال لقائنا معها، أن الأغنية من كلمات شاعر المقاومة راشد حسين، وهي جريئة ومميزة نظرًا لكلماتها. مُشيرةً، أنه لم يأخذ حقه كشاعر مثل باقي شُعراء المقاومة الفلسطينيين
وتابعت: " كان حلمي أن أغني هذه القصيدة، لجرأتها ولأنها بالأساس تُجسد قضية هامة من معاناة الشعب الفلسطيني وهي مسألة مصادرة أملاك الغائب- أراضي اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت سبب تلويح أصابع الاتهام بالإلحاد يعود إلى وصفه في القصيدة، (" الله أصبح لاجئًا يا سيدي")، لستُ أنا من كتبها، في الأساس قمت بتغير عنوان القصيدة من " الله لاجئ" إلى الغائب، وهذه القصيدة مهمة لأنها تُلقي الضوء على مصادرة أراضي الفلسطينيين، وليست ضد الدين واسم الجلالة.
حاولت بقدر مستطاعي أن أعطي القصيدة من خلال اللحن والغناء الإيحاء بالصرخة لإيصال الوجع في كلمات الأغنية للمتلقي، التي هي من ناحيتي الـ " HIT" الألبوم، هذه الأغنية لاقت رواجًا كبيرًا، وأني لسعيدة بذلك. ونوهت في حديثها " كثيرون تعرفوا على الشاعر راشد حسين من خلال غنائي للقصيدة".
الألبوم الأكثر تمُيزًا وتحديًا ..
استطاعت ريم بنا في ألبوم " تجليات الوجد والثورة"، الدمج بين الموسيقى الشرقية والغربية، وهذا يعود في الدرجة الأولى لثقافتها الموسيقية العالمية التي نجحت في صقلها خلال تعليمها في روسيا، إذ اجتمعت بطلاب من خلفيات مختلفة، بالإضافة إلى تنقلها وغنائها في دول ذات ثقافات غنية ومختلفة الأمر الذي منحها أن تطرق الأبواب العالمية من خلال التعاون مع مُبدعين على المستوى العربي والعالمي.
وتحدثت ريم عن مُميزات هذا الألبوم، الذي قامتْ بإنتاجه شركة نرويجية عالمية، التي ساهمت في تسويق الألبوم في الدول الأوروبية والعربية- مصر، لبنان ودول الخليج العربي، بالإضافة إلى تعاونها مع الموسيقار العالمي " Bugge wesseltof" – بوغي فوزلتوف، الذي أضاف لمسته المهنية والرائعة في كل أغنيات الألبوم.
ويتميز الألبوم أيضًا أن كل أغاني الألبوم من تلحين ريم بنا، الأمر الذي اعتبرته تحديًا بالنسبة لها، لأنها المرة الأولى التي تُقدم بها على التلحين لوحدها دون شريك موسيقي، فبعد انفصالها من زوجها تحدت نفسها في التلحين وكانت النتيجة ألبومًا كاملاً من تلحينها. بالإضافة إلى أنه يجمع بين الأنغام والآلات الشرقية والغربية، إذ تم إدخال الآلات الشرقية حسب وصف ريم بظروف مغايرة وتوزيع من جديد ومختلف. وتابعت: " ما يميزه أيضًا، أنه جمع موسيقيين من فلسطين " عازف العود رمسيس قسيس وعازف القانون أسامة بشارة". وقالت أنه تم تسجيل الألبوم في بلدات مختلفة بين الناصرة وتونس في قصر أندلسي يطل على البحر المتوسط في سيدي بوسعيد، وشارك معها موسيقيين كبار في تونس مثل، قيس زروق، جهاد خميرة ومحمد بن صالحة، بالإضافة إلى مُشاركة مغني الراب التونسي معها مستر كاز وهي من كلمات بدر شاكر السياب الشاعر العراقي الأصيل.
بالإضافة إلى الغناء باللهجة التونسية، وهي صعبة نوعًا ما لاختلاف لفظ مخارج الحروف مقارنة مع اللهجة الفلسطينية، كنت قد تدربت عليها بمساعدة أصدقاء من تونس. وقالت ريم أن هذه الأغنية تكريمًا للشعب التونسي والثورة التونسية.
ريم والربيع العربي..
كان تضامن ريم بنا واضحًا لمتابعيها وللجمهور مع الشعوب العربية، مع انطلاقة الربيع العربي ومطالب الشعوب بالتحرر من الأنظمة الفاشية والمستبدة، قائلة: " كان من المنطقي أن أساند حُريات الشعوب ولم أفكر يومًا برد الفعل السلبي ضدي بسبب هذا الدعم، وفيما يخص التضامن مع الشعب التونسي، تمتلكني معزة خاصة للشعب التونسي، وخاصة أنه كانت تحت سُلطة حاكم نظامه فاسد ومجرم، وضع تونس تحت تعتيم إعلامي كي لا تُكشف جرائمه، كل مرة كنت أسافر فيها إلى تونس كان يتعرض لي " البوليس السياسي" فيها، النظام يخاف من الأغاني الوطنية المُحفزة على النضال.
وتابعت: "من خلال تجوالي وسفري تعرفت على أصدقاء من تونس، كنت أتواصل معهم بشكل سري عبر الانترنت، أو أثناء سفري، وكانوا دائمًا يحدثوني على " البوليس" السياسي، الذي كان يقوم بإحباط مظاهرات الناشطين واحتجاجاتهم، في الجامعات والشوارع، إذ كانت تمنع المظاهرات في تونس، علمت بكل ما يحدث في تونس من خلال تواصلي معهم على الفيسبوك، وكنت مساهمة في نشر معلومات وأحداث كان يسعى النظام لإخفائها".
وأكدتْ: " أنا أُساند وأدعم الشعب، ودائمًا ضد النظام، وأناضل من أجل حُرية الشعوب عامة والشعب الفلسطيني بشكل خاص.
سوريا ..
وبالنسبة للوضع في سوريا أكدتْ ريم بنا، أنها مع الثورة " الشعبية السورية"، وهي مع مطالب الشعب، الذي من حقه أن يتحرر من النظام، وهي ليست مع النظام الأوحد، الذي تعتبره فاسدًا، مؤكدة ؛ أن الشعب السوري يطالب بالتحرر من النظام القامع.
وقالت ما يحدث الآن في سوريا هو من يد الأسد، الذي لم يترك مجالاً للمطالبة في الحرية، للأسف هو الذي دفع الشعب لاستخدام السلاح، ووسع الساحة أمام " الهمجيات العسكرية"، وترك الساحة مفتوحة أمام المغرضين والانتهازيين، الذين قدموا من مختلف البلدان، تحت اسم المجاهدين العرب والمسلمين، وأصبح للقاعدة مكانًا في سورية بحجة تحرير سوريا.
وأشارت: " تحرير سوريا من النظام، لا يعني دخول الحصار على سوريا، أنا ضد جبهة النصرة، وتنظيم القاعدة، التي يستغل الدين من أجل العبث في سوريا" مؤكدة أنها مع الثورة الشعبية السورية.
للأهل في اليرموك مكانة..
وكانت ريم بنا قد زارت مخيم اللاجئين – اليرموك في عام 2000 و2010، وكانت قد اجتمعت مع سكان المخيم، وقامت بزيارة وشاركت في برنامج تطوعي الذي انتهى آخر المطاف بحفل غير متوقع.
وقالت أن مخيم اليرموك من أجمل مخيمات اللاجئين التي قامت بزيارتها، تحضر فيه الروح الفلسطينية، وتعتبر شباب المخيم من أروع ما يكون، فهو واعٍ ومثقف، ويهتم بقضيته الفلسطينية وخاصة بكل ما يتعلق بحق العودة، مما جعلي بالاطمئنان أن أحدًا منهم لم ينس فلسطين، وهم يرفعوا الراس.
[email protected]
أضف تعليق