لم تمنع الجولة المنوعة الناجحة لأوركسترا فلسطين للشباب التابعة لمعهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى في ايطاليا خلال شهري تموز وآب، من تقديم برقية محبة إضافية للبلد الذي لطالما احتضن الأوركسترا منذ تأسيسها "الأردن" وذلك عبر تقديم ثلاثة عروض جديدة: حفلان في الـ 28 من أيلول في مركز الحسين الثقافي بالتعاون مع مسرح البلد، وحفلٌ ثالث في الـ 29 من أيلول نظم في قاعة المؤتمرات، البحر الميت بدعوة من لجنة أصدقاء هشاشة العظام، وقد لاقت العروض استحساناً وإقبالا كبيراً غلّفت بمشاعر الإعجاب والاعتزاز بهذا الجسم الموسيقي الناطق بلغة الشعوب والمعبر عن هوية وأحلام الشعب الفلسطيني.
الأوركسترا أو "المفخرة الفلسطينية التي صنعها العمل الجاد والإرادة" -كما وصفها الاعلام العالمي تخللت عروضها الثلاث بقيادة المايسترو العالمي توم هاموند، عبر الحركات الأربع لسيمفونية بيتهوفن الثامنة، المختلفة في بنائها الداخلي وأسلوب تناميها، متضمنةً قطعةً موسيقية طويلة نسبياً، شهدت توتراً في مطلعها أفضى إلى أجواء الصراع، قبل أن تنتهي بألحان مفعمة بالأمل. وقدم عازف الكلارينيت محمد نجم مقطوعة للفنان العظمة «22 من نوفمبر»، جمعت التأليف والارتجال. وفي أدائه على آلته منفرداً تارة، ومشاركاً العازفين على آلات الفرقة تارة أخرى، استعاد نجم أصوات الدكاكين في حارات دمشق القديمة، وفق إيقاع ثابت وبطيء للحياة آنذاك، على رغم الحالة النفسية المتوترة لعظمة والتي برزت في تنوع جمله النغمية.
أما مقطوعة «كبريسيو أسبانيول»، لديبليب لتؤدّى بالكمان منفرداً وفق تصور فانتازي للرقص في إسبانيا التي ألهمته، فقد برع هاموند في تقديمها بالآلات الوترية فقط، إذ فاضت الألحان بإيقاعات الفلامنكو السريعة والرشيقة. وحلّقت السوبرانو ديما بواب، في فضاء جماليات الصوت. وفي مقطوعة دفورجاك التي تخبر عن حكاية ابنة جنّي يحكم بحيرة، ترجو القمر عبر غنائها أن يخبر حبيبها البشري بحبها له، قبل أن تضحّي بصوتها لتتحول بشرية تعيش حياتها معه. واختتمت الأوركسترا هذه الفقرة بألحان النشيد الوطني الفلسطيني «موطني»، الذي وقف الجمهور ليشاركها غناءه.
بينما حملت رئيسة مجلس المشرفين في المعهد، السيدة ريما ترزي يشاطرها المعهد وطاقم الأوركسترا، مشاعر الإعجاب والاعتزاز التي نقلها الحضور لها، حيث أعربوا عن سعادتهم بهذا الجسم الموسيقي الاحترافي والمستوى الموسيقي الذي وصلته الأوركسترا، قاطعةً شوطاً كبيراً منذ بداياتها عام 2004.
وتضم أوركسترا فلسطين للشباب حوالي ثمانين شابا وشابة تتراوح أعمارهم بين 14 و26 عاما، منهم ستون فلسطينيا من الضفة الغربية ومن الأراضي المحتلة عام 1948 ومن دول عربية وغربية. وقد تأسست الأوركسترا عام 2004 كأحد مشاريع المعهد الوطني للموسيقى الذي تأسس عام 1993، لتشكل التحدي الأكبر في معركة الوجود وتثبيت الهوية الفلسطينية على الأرض.
ومن المهم الإشارة إلى الداعمين الذين لولاهم لما توجت الاوركسترا عروضها للعام التاسع في الاردن الشقيق وهم: مؤسسة عبد المحسن قطان، مؤسسة سيدا السويدية ضمن شبكة الفنون الأدائية، لجنة اصدقاء اوركسترا فلسطين للشباب، شركة جت، فندق كراون بلازا، منتجع هوليدي ان، وبالتعاون مع امانة عمان الكبرى، مركز الحسين الثقافي، والمركز الثقافي الالماني الفرنسي.
[email protected]
أضف تعليق