صباح يوم أمس الجمعة، هاتفتُ مديرة فرقة سلمى للفنون الشعبية، فريال خشيبون، لأحجز تذاكر لعرض "صرخة ماريا" الذي انطلق في قاعة "بيرغوفيتش" في "نتسيريت عيليت" في تمام الثامنة والنصف من مساء اليوم ذاته، خلال حديثنا الودي قالت لي فريال:"مش تصور العرض كامل بالفيديو!!، إوعى، صوّر مقطع صغير عشان الناس تضل متشوقة لتحضرنا على المسرح..."، وضحكت بوّد!، فأكدتُ لها أنني لن أخرق اتفاقنا أبدًا وتمنيت لها ولكل "الصارخين" على الخشبة مع ماريا، التوفيق، وأنهيتُ المحادثة!
في المساء، توجهت في الموعد المحدد إلى القاعة المذكورة لأجد حشدًا من الناس يجلسون كل على كرسيه في القاعة بانتظار رفع الستار...
اتخذتُ مكاني، رُفع الستار وانطلق المبدعون ليملأوا الخشبة بحيويتهم وموهبتهم التي لا يمكن الإختلاف على لمعانها...
"صرخة ماريا" هو عمل إبداعي يعرض دراما استعراضية عن قصيدة رائد المسرح الملحمي، الألماني، "برتولت بريخث"، "أولاد في حملة خلاص"، ترجمه للعربية الشاعر الكبير سميح القاسم وقام بإخراجه نورمان عيسى بإبداع واضح، دون أن نغفل عن الإبداع الذي اعتدناه من فريال خشيبون في تصميم الرقصات...
العمل، كملخّص، يعرض قصة حرب ومعاناة بحب ورقص، وكم هو موجع وجميل هذا المزج اللامعهود بين الرقص للتعبير عن عدائية بعض البشر وسعيهم للدمار، وبين صوت البندقية!
فتارة تجد نفسك محلقًا مع الإيقاعات والحركات التعبيرية الراقصة لتحط من جديد على ألم الفقدان، الجوع والضياع...
وتبقى على هذه الحال تطير وتسقط، تحلّق وتقع بينما أنت متسمّر على كرسيك أمام لوحات قُدمت لك على طبق من إبداع لا يمكن إنكاره أو تفادي الوقوع بأسر جماليته واتقانه...
بعد انتهاء العرض، صفق الجمهور طويلاً وقدموّا تحيتهم لكل الراقصين عند خروجهم للتحية واحدًا تلو الآخر حتى صعدت فريال خشيبون على الخشبة لتشكر القائمين على العمل وتشكر الحاضرين لأنهم حضروا...
عندها فكرت لبرهة أن أقف أمام الجميع لأصرخ، كما فعلت ماريا، وأقول لفريال:"ليتني خرقت وعدي لكِ وصوّرت العرض كاملاً لأمنح أكبر عدد من الناس ذات المتعة التي نلتها، غير أنني اكتفيت بالوقوف أمام انحناءة هؤلاء المبدعين والتصفيق لهم بحرارة..."

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]