تقترب الذكرى السنوية العاشرة لهبة القدس والاقصى، إنها عشر سنوات مرّت على انتفاضة الجماهير العربية في قرانا ومدننا، وكُلنا لا نزال نحمل الوجع ذاته والمشاعر ذاتها، فقد افتقد شعبنا ثلاثة عشرَ شهيدًا، قدموا الغالي، بل الأغلى، أرواحهم قدمت في سبيل الحرية ودفاعًا عن أرضهم ومقدساتهم وشعبهم..
أما ذوو الشهداء فلم ولن ينسوا أبنائهم، ولا اللحظات الحلوة وحتى المؤلمة التي عاشوا عندما كان الابن في حضن عائلته، وعشرُ سنواتٍ ولا زال المجرمون طلقاء، دون عقاب ودون محاكمة، هكذا يشعر الأهل، وهكذا يؤمن الأهل، أنّ أبنائهم وإن رحلوا فهم باقون في قلوب أحبائهم وأبناء شعبهم!
والد الشهيد علاء نصار: نصف ساعة اسبوعية تخصص لمعايشة أجمل لحظات العمر التي عشناها وإبننا
خالد نصار، والد الشهيد علاء نصار : "ما زلنا، نحنُ عائلة الشهيد علاء نحيي ذكراه، ليس فقط سنويا، بل اسبوعيا فنزور المجنة، ونسقي الورود على قبره، نجلس بقرب قبره نصف ساعة نتأمل اجمل لحظات الحياة التي قضيناها وإبننا فقد كان محبا لعائلته ولوطنه وايضا للمقدسات، ابننا انتفض كما انتفض كل شخصٍ غيور على المقدسات، على ابناء شعبنا الفلسطيني واستشهد دفاعا عن المقدسات، وعن الوطن بكامله".
وأكد انه رغم مرور عقد من الزمن على استشهاده الا انه في كل ذكرى يشعر بأنّ استشهاد ابنه حصل اليوم ولا يستطيع ان ينسى هذه الأحداث من مخيلته.
ونذكر هنا انّ رسالة طيبة أرسلها والد الشهيد علاء نصار، قال فيها: نحيي الجماهير العربية، رؤساء السلطات المحلية والاحزاب السياسية على دورها الفعال لإحياء الذكرى السنوية، إنّ الذكرى التاسعة، التي مرت العام الفائت كانت ناجحة وجبّارة وشاركت فيها ألوف مؤلفة من الجماهير العربية، وهذا عزاؤنا، فالمشاركة عبارة عن تأكيد على أنّ تضحية ابننا لم تذهب عبثًا، وأنّ جماهيرنا العربية تثمن دور شهدائنا وترفع اسمائهم عاليًا. آمل أن تبقى الذكرى السنوية بهذه الروح الوطنية خاصة وانها الرد على سياسة الحكومة.
وحول رأيه وموقفه من لجنة تسميات الشوارع التي أثارت ضجة كبيرة في عرابة مؤخرا قال نصار " ليس لي أي استياء من اللجنة، فقد انتخبت من قبل المجلس المحلي وبما ان المجلس المحلي يمثل عرابة وأهلها وبما أنهم هم المسؤولون الموكلون لا استطيع أن أملي عليهم، فشهداء هبة القدس والاقصى ليسوا أول شهداء عرابة فهناك العشرات من الشهداء حتى الـ 48، وأنني احترم عمل المجلس المحلي واللجان المنبثقة عنه".
واخيرا وجه نصار رسالة للجماهير العربية عشية الذكرى العاشرة لهبة القدس والاقصى فقال: " أحيي الجماهير العربية وأشكرهم على مواقفهم ووقفتهم البطولية الأشمّة، وأناشدهم أن يجددوا العهد بالشكل اللائق وبما يحفظ وصية الشهداء فالذكرى التاسعة كانت معبّرة عن جرح جماهيرنا العربية وأتأمل ان يتم التجند الكامل من أجل إنجاح كافة النشاطات التي أقرت من اللجان الشعبية في البلدات العربية ولجنة المتابعة العليا".
والد الشهيد عماد غنايم: كنت أوقظه صباحا، اشرب القهوة معه وأقف على عتبة الباب ادعو له وقت خروجه للعمل
وزرنا والد الشهيد عماد غنايم، فرج غنايم، قبل خروجه لكروم الزيتون التي يعمل بها ويرعاها، خاصة أنّ حبه للارض يكمن في صميم قلبه، وعشقه للزيتون الصامد منذ مئات السنين هائل، وهو أيضا لم ينس الاحداث المؤلمة التي وقعت قبل عشر سنوات، فابنه الشهيد عماد دفع أغلى ما لديه، روحه في سبيل الدفاع عن المقدسات، عن الوطن، عن الأرض والعرض. وسقط شهيدًا، دون أن يحاكم المجرم الذي قتله.
يقول غنايم: " تأتي الذكرى السنوية العاشرة وكأنها حصلت اليوم، لكن ابني ذهب شهيدًا، من أجل أرضه ووطنه وأمته، وقد سقط في لحظة واجه فيها غطرسة السلطة وأذرعها وسياسة النهب والسلب والعنصرية المتفشية".
وعن ابنه الشهيد يقول غنايم: ان عشر سنوات مرت، لا زلت فيها كعادتي، استيقظ صباحًا في صلاة الصبح لأتذكر أنني كنتُ أذهب الى سريره لأوقظه من نومه للذهاب الى عمله، كان يستيقظ، يقوم بقراءة القرآن الكريم، ومن ثم نجلس لشرب فنجان القهوة ثم يقوم بوضع الحقيبة على كتفه، يخرج من البيت، فاتبعه حتى يخرج من البيت، أقف على عتبة الباب واقول له في قلبي الله يحميك!",
ويؤكد غنايم ان هذه اللحظات من حياة ابنه الشهيد ما زالت حتى الآن في باله، ورغم مرور عشر سنوات الا انه ما زال يشتاق أن يذهب الى سريره ويوقظه من النوم، ليشرب فنجان القهوة معه.
وعن الذكرى العاشرة وجه غنايم رسالة للجماهير العربية يطالبهم فيها بتجديد العهد وإحياء ذكرى الشهداء كما يليق بالشهداء وبالقضية التي استشهدوا من أجلها، ويطالب بإعادة فتح ملفات المجرمين ومحاكمتهم، وناشد الجماهير بالمشاركة في المظاهرة التي ستنظم للمطالبة باعادة فتح الملفات يوم 6/10/2010.
والد الشهيد أسيل عاصلة: الاستشهاد تعطينا بابا للثقافة والعلم في سبيل الصدق ورفع الامة والشعب
حسن عاصلة، والد الشهيد أسيل قال: إنّ الزمن لم يمح شيئا من الذكرى، وما زلنا نتلظى على جمر الفراق الذي اصبح جزءً من حياتنا الا اننا نستنير من هذا الجمر بقية العمر.
ووجه عاصلة انتقادًا لقيادة الجماهير العربية قائلاً: ان القيادة تستطيع العيش في حضرة الشهداء، وينظرون الى الشهداء على أنهم أمواتاً ولا يفرقون بينهم وهذا يعني انتقاصاً للتضحية والعطاء الذي قدموه وتجاهلا لذاكرة الشهداء!.
ويضيف: "ان الشهادة تعطينا بابا للثقافة والعلم في سبيل الصدق ورفع الامة والشعب وبما انها كذلك يجب حملها في حبات العيون ونبضات القلب، وأنا لا أطالب ابناء شعبنا وقيادتنا أن يتحملوا جمرة الفراق كما نعيشه نحن الأهل، لكنني اتساءل متى يفكر الآخرون بالشهداء وقال أحدهم: سأذهب الى ضريح الشهيد واقرأ الفاتحة؟".
وأكدّ عاصلة ان ذوي الشهداء يدركون بأنّ الشهادة هي استحقاق أخلاقي تاريخي وطني ومبدئي، لذا لا نحمّل احدا معروفا كذوي شهداء ولا نطلب من أحد مكافأة ولا نبحث عنها امام هذا الواقع.
ويضيف: "افضل ما اتقناه هو العويل والبكاء وكان الضياع سيد الموقف وان ذوي الشهداء هم الوحيدون الذين حافظوا على التوازن ونقاء البصيرة، قادوا مسيرة النضال لسنين طويلة، رغم ان هناك من كان يحاول إعاقة مسيرتهم وضربها لحاجة في نفس يعقوب"!.
والد الشهيد وليد ابو صالح: أراد ابني تكوين عائلة، واستشهد بعد 40 يوما من عقد قرانه
ويتحدث عبد المنعم ابو صالح عن ابنه الشهيد وليد فيقول: انه كان شابا طموحا، أحب الحياة اراد ان يكوّن عائلة ويخطب، الا انه لم يمضِ على عقد قرانه سوى أربعين يوما ليستشهد ويرحل عن هذه الدنيا، وليد... كان شابا بشوشا يحب الضحك متفائلا... أذكره رائعًا كما كان دومًا.
يقول أبو صالح: تمر الذكرى العاشرة وكأنها الأولى، وكأنّ الهبة حصلت اليوم، نحن نعيش الذكرى في كل لحظة من حياتنا، لا نستطيع ان ننسى ابناءنا ما دمنا أحياءً، لن نرتاح ما دام الظلاّم المجرمون خارج السجن، ولن يهدأ لنا بال الا بعد ان تفتح الملفات ويحاكم المجرمون، ويعاقبون على ما اقترفوه من ذنب وجريمة لا تغتفر.
[email protected]
أضف تعليق